ما جرى بمؤتمر الرياض2 هو بمثابة تحول خطير في مسيرة العملية السياسية
وقعت مجموعة من الشخصيات المعارضة والمؤسسات السورية والمجالس المحلية وعدد من الفصائل على بيان، أكدت فيه على رفضها لمخرجات مؤتمر الرياض2، وسحبها للثقة من هيئة التفاوض التي تم انتخابها في المؤتمر المذكور.
واتهم الموقعون أعضاء مؤتمر الرياض2 بنسف جوهر عملية الانتقال السياسي وذلك بقبولهم لطرح المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا بالمشاركة بصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات بدل المطالبة بإقامة هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة تقود المرحلة الانتقالية وفقا لجنيف1 لعام 2012 وقراري مجلس الأمن 2118 و2254.
وأكد الموقعون أن رحيل بشار الأسد في بداية المرحلة الانتقالية شرط لازم لحصول أي انتقال سياسي وهو مبدأ غير قابل للتفاوض، كما أدان البيان الطريقة الانتقائية في اختيار الهيئة التفاوضية وضم ممثلين عن منصتي القاهرة وموسكو.
وحمل البيان توقيع ما يزيد عن 1270 مؤسسة وشخصية ثورية وسياسية منها المجلس الوطني وإعلان دمشق وعدد من المجالس المحلية وشخصيات سياسية كجورج صبرا وفاروق طيفور وخالد خوجة وسمير نشار ومحمد صبرا وسهير الأتاسي.
وقال الباحث السوري أحمد أبا زيد وهو أحد الموقعين على البيان في تصريح لوكالة “مسار برس”، إن ما جرى في الرياض هو بمثابة تحول خطير في مسيرة العملية السياسية والذي سيلقي بظلاله على مؤسسات الثورة والمعارضة.
واعتبر أبا زيد أن ماورد في البيان الختامي حول القبول بالتفاوض دون شروط مسبقة، يعني صراحة عدم اشتراط رحيل الأسد وتحويل الموضوع إلى وجهة نظر غير ملزمة، مشيراً إلى أن البيان بعمومه يصب في المسار الروسي الذي ينهي عملية الانتقال السياسي لصالح إصلاحات دستورية وانتخابات وهو الأمر الذي يسعى إليه كل من دي مستورا وروسيا وحكومة الأسد من خلال جنيف وحتى مؤتمر سوتشي.
وأشار أبا زيد إلى أن الوفد المفاوض الممثل للمعارضة حالياً والذي جرى اختياره في الرياض يحوي عناصر من المخابرات السورية، يعتبرون الثورة مؤامرة صهيونية وإرهابية ويدافعون عن مشروع الأسد والاحتلال الإيراني، وهم بهذا الموقع وذلك التمثيل ينهون أي تعريف للثورة والمعارضة ويساهمون في تمييع أجسام المعارضة، الأمر الذي لا ينعكس على الهيئة العليا للتفاوض فحسب وإنما سيكون له ارتدادات على الائتلاف كونه الفاعل الرئيسي في مؤتمر الرياض ومباحثات جنيف.
وكان مؤتمر الرياض2 شهد العديد من الانتقادات قبل وبعد انعقاده، ولا سيما بعد موجة الاستقالات الجماعية التي سبقته من قبل شخصيات سياسية مهمة، والتي أرجعت سبب استقالتها للضغوط التي تعرضوا لها للتخلي عن شرط رحيل الأسد بالإضافة إلى استبعاد بعض الشخصيات السياسية الفاعلة في العملية السياسية وتجاهل دعوتها إلى المؤتمر.
كما أعلن بعض المشاركين في المؤتمر أن انتخابات الهيئة العامة التفاوضية لم تكن نزيهة، حيث ذكرت الدكتورة سميرة مبيض عضو الهيئة العليا للمفاوضات أنه تم استبعادها لصالح مرشحة أخرى رغم حصولها على عدد أكبر من الأصوات، وذلك نتيجة لتدخل من جهة دولية لصالح الأخيرة، الأمر الذي أكده السيد مروان العش وهو أحد أعضاء إعلان دمشق.
في حين أثار تعيين خالد محاميد ممثل منصة القاهرة نائبا لرئيس الوفد التفاوضي الكثير من الاستنكار، وخاصة أن الهيئة العامة للتفاوض السابقة قامت بإنهاء عضويته في شهر آب/أغسطس إثر تصريحات تلفزيونية مثيرة للجدل هاجم فيها تركيا وأعلن أن الحرب بين فصائل الجيش الحر ونظام الأسد وضعت أوزارها.
ومن الانتقادات التي وجهت إلى الوفد التفاوضي وجود ما سمي بالثلث المعطل، الأمر الذي أكده قدري جميل رئيس منصة موسكو في مؤتمر صحفي عقده أمس، حيث قال إن وفد المفاوضات الموسع الحالي يضم 8 ممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة، و5 آخرين من هيئة التنسيق أي 13 عضوا من أصل 36 ، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على عدم الأخذ بأي قرار اعترض عليه 10 أعضاء أي ما يقارب 26 بالمئة من أعضاء الوفد.
وأكد جميل أن الانتقال الذي سينتج عن مفاوضات جنيف هو من دستور إلى دستور أي من نظام إلى نظام وليس من رئيس إلى رئيس، مشيرا إلى أنه تلقى تطمينات من دي مستورا عن رفض أي شروط مسبقة تحكم المفاوضات.
لا شك أن موضوع الإشراف على صياغة دستور جديد والانتخابات القادمة طرح تساؤلات عديدة عن دور نظام الأسد وحجم مشاركته في هذه العملية، وشرعية دستور 2012 الذي يسعى النظام للبناء عليه، وآلية تفعيل سلطة الدستور في غياب أي قرار ملزم وهيمنة الأجهزة الأمنية على مفاصل الدولة في إشارة إلى أن القبول بإجراء انتخابات بلدية ونيابية ومن ثم رئاسية يعني أن الأسد باق حتى عام 2021 على أقل تقدير.
مسار برس