ولنا رأي حول العلاقات بين الامارات والكيان الصهيوني
د. هيثم عياش
لم يكن الإعلان عن قيام علاقات بين دولة الامارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني ، هذا الاعلان الذي تم يوم الخميس من 13 آب /اوغسطس الحالي ، مفاجئا . فقد تم على خطوات متعددة كان منها زيارة وزيرة الثقافة بالكيان الصهيوني ابو ظبي حيث قامت ايضا بزيارة مسجد الشيخ زايد ، هذا المسجد الذي أصبح بنظر الكثيرين مسجد ضرار، كما سبقه بناء كنيس لليهود وظهور وتوزيع منشورات تطالب حكام الامارات وراءها حاكم الامارات القوي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعلاقات مع الكيان الصهيوني ، فالقضية الفلسطينية ليست بقضية الاماراتيين .
منذ عام 2011 يسعى ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد بقيادة الامارات الحرب ضد انتفاضات بعض الشعوب العربية بدعمه وتحريضه عسكر مصر بالإنقضاض على الحكومة الشرعية بتلك الدولة وإقصاء الرئيس المنتخب من قِبَل الشعب المصري عن الحكم وسجنه وقتله بعد ذلك ، وسعيه بدعم الفوضى في ليبيا من خلال دعمه ماديا للواء العسكري المتقاعد خليفة حفتر للقضاء على حكومة الوفاق الوطنية المعترف بها دولة والعودة بليبيا الى عهد معمر القذافي وإشعال الامارات الحرب في اليمن وسعي حاكم الامارات تقسيم اليمن من جديد ، هو من أجل إبراز الامارات كقوة فاعلة بمنطقة الخليج العربي والشرق الاوسط برمته .
ومنذ عام 2011 يسعى حاكم الامارات ان تصبح سياسة بلاده دولية . فهو حاول إدخال بلاده في عضوية حلف شمال الاطلسي / الناتو / الذي رفض بعد المحاولات المتكررة لأبو ظبي الحصول على عضوية الحلف وسبب الرفض خشية / الناتو / من إقدام ابو ظبي على التحرش بايران عسكريا ورد ايران على التحرش فيعني ذلك مشاركة / الناتو / بحرب مع ايران ، لأن اتفاقيات / الناتو/ تؤكد الدفاع عن دولة عضو من اعتداء خارجي .
ولكن السؤال يبقى حول توقيت بدء العلاقات واعتراف الامارات فلسطين دولة للكيان الصهيوني ؟ ويرى خبراء الشرق الاوسط وخاصة منطقة الخليح العربي من بينهم معهد العلوم والسياسة البرليني الذي يعتبر مستشارا للمستشارية الالمانية ان حاكم الامارات محمد بن زايد يريد تحرير بلاده من عباءة السعودية بل وترى خبيرة منطقة الشرق الاوسط في المعهد الاوروبي للدراسات السياسية كرستين زاغر / التي كانت تشغل عضوية البرلمان الاتحادي / ان ابن زايد يريد الهيمنة على السياسة السعودية وخروجه من العباءة السعودية لإدخال السعودية في عباءته مبتدئا بإقناع الرياض قطع علاقاتها مع قطر فالدوحة بنظر ابن زايد حجر عقرة لتحقيق طموحاته بالخليج العربي .
وربما يكون رأي زاغر صحيحا ، فالزيارة السريعة لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود يوم الاربعاء من 19 الشهر الحالي ساهم بوضع حد للشائعات التي تشير الى اقتراب اعلان السعودية علاقاتها مع الكيان الصهيوني ، فهو قد أشار تمسك حكومته بمبادرة الجامعة العربية التي وضعها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، عندما كان وليا للعهد ، استعداد الاعتراف بالكيان الصهيوني شريطة الانسحاب الى حدود ما قبل الخامس من حزيران 1967.
إعلان الامارات اقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ليس حبا بالصهاينة بل من أجل الخروج من محيطها الاقليمي الضيق الى السياسة الدولية من اجل ان تصبح شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة الامريكية وقيامها بدور شرطي منطقة الشرق الاوسط . أدت هذه السياسة الى مشاكل للدبلوماسية الالمانية بمنطقة الشرق الاوسط ، فالدبلوماسية الالمانية والاوروبية تصر على اقامة دولتين على ارض فلسطين فلسطينية وعبرية وبدون تنفيذ هذه السياسة فلا سلام شامل بمنطقة الشرق الاوسط برمته . عدا عن ذلك ، فاذا كانت الامارات تريد بعلاقتها مع الكيان الصهيوني هو تحالف ضد ايران وربما تركيا فان ذلك سيلحق أضرارا على الدبلوماسية الاوروبية وخاصة الالمانية التي تسعى الى عدم وقوع مناوشات عسكرية بالمنطقة وخاصة فان انتهاء مدة حظر الأمم المتحدة ارسال اسلحة الى ايران قارب على الانتهاء والتمديد الذي يسعى اليه رئيس الادارة الامريكية دونالد ترامب وتأييد ابو ظبي وحكومة بنيامين نتنياهو للتمديد فيضر بالديلوماسية الاوروبية التي تسعى للتوصل الى صيغة مرضية تكمن بعدم اثارة ايران وعدم غضب الكيان الصهيوني والامارات والسعودية .
ويرى مراقبو السياسة الامارتية ومنطقة الخليج العربي أن محاولات ابو ظبي ابن زايد للعب دور استراتيجي على الصعيدين الدولي والاقليمي لن يكتب له النجاح ، فالشيخ محمد بن زايد شخصية غير مرغوب بها دول الخليج وحتى من قِبَل حكام الامارات فأكثرهم يرون بمحمد بن زايد قذافي الخليج .
ويخطىء من يعتقد ان علاقات الامارات العربية المتحدة مع الكيان الصهيوني والحرب في اليمن من اجل وقف التمدد الايراني بمنطقة الشرق الاوسط برمته ، فايران استطاعت الهيمنة على العراق وسوريا ولبنان وباستطاعتها التمدد بمنطقة الخليج بأسره .