هل سنشهد معركة جديدة في سورية؟!
د. خضر السوطري – المركز السوري سيرز 18.08.2020
تتوقع الحكومة التركية معركة قريبة في سورية في المناطق الهامة قرب جبل التركمان وجبل الزاوية وسهل الغاب حيث الاستعدادات الروسية وبواقي الجيش الأسدي والمليشيات الشيعية
بينما الاستعدادات التركية قائمة عسكرياً وتنسيقياً ولعل أهم ما حدث هو توحيد الجبهات العسكرية الأربعة في قيادة موحدة (غصن الزيتون ونبع السلام ودرع الفرات وغرفة ادلب) ولعل القصف التركي المركز لثلاثين شخصية كردية سورية متآمرة مع قيادات أمارتيه كانت رسالة قوية عن اختراق الأتراك للتنظيمات الكردية. ويبدو أنه سيستمر الرئيس بوتين في العمل مع الرئيس السوري وحكومته الضعيفة، ولا تملك موسكو سوى أن تأمل في أن يقْدم الأسد وحاشيته بعد انتخابات عام 2021 على أخذ زمام المبادرة نحو مصالحة حقيقية.
في تلك الأثناء، وفي ظل غياب أي إصلاحات حقيقية داخل دمشق، ستستمر واشنطن والاتحاد الأوروبي في العقوبات التي يفرضها الجانبان على سوريا، وسيستمر اعتماد البلاد على المساعدات الإنسانية لفترة طويلة. ومن أجل ذلك، سعت موسكو من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتعزيز سيطرة دمشق على المزيد والمزيد من المساعدات الإنسانية التي تدخل الأراضي السورية، وذلك لحاجة الأسد لضمان عدم تضرر مصالحه التي تتسم بحساسية سياسية كثيراً من العقوبات.
ومن ناحية أخرى، فإن المساعدات الإنسانية لا تشكّل حلاً طويل الأمد للأزمة السورية، وتكشف الحالة المزرية للاقتصاد السوري مدى ضعف الإنجازات العسكرية الروسية.
من جهته، صرح قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال ماكنزي، في يونيو (حزيران)، بأن الروس يرسلون معدات عسكرية إلى سوريا، في الوقت الذي تدخل دوريات برية روسية بمعدل أكبر شرق سوريا حيث يعمل الجيش والقوات الجوية الأميركية.
إنّ روسيا وايران والنظام السوري يجهزون لنشوب مثل هذه الحرب لإبعاد تركيا عن الملف السوري ليتسنى لهم مهاجمة إدلب آخر معقل للمعارضة السورية التي تخضع لهدنة أبرمت في موسكو بين الطيب أردوغان وبوتين أذار الماضي، وقد بدأت موسكو في تصعيد لهجتها ضد المعارضة في إدلب واتهامها بشكل مباشر بالهجوم على قاعدة حميميم الجوية باللاذقية، هذا الاتهام شكل ذريعة للروس وإيران والنظام لشن حملة قصف مكثفة ضد قرى وبلدات ريف إدلب واستقدامها للمزيد من التعزيزات العسكرية الى المنطقة تمهيداً لاقتحام إدلب، فقد أرسلت روسيا وايران والنظام أكثر من ٣٠٠٠ آلاف جندي مزودين بعدد كبير من الدبابات والمدافع بعيدة المدى والهاون ومضاد طيران تمهيداً لاقتحام إدلب، وفي خطوة غير متوقعة أوقفت روسيا تسيير دورياتها المشتركة مع القوات التركية على الطريق الدولي إم ٤ بريف إدلب متذرعة بالأعمال الاستفزازية التي يقوم بها بعض فصائل المعارضة والتي منعت افتتاح الطريق الدولي بين حلب واللاذقية وقد بلغ عدد الدوريات المشتركة ٢٥ دورية، الحشود العسكرية الضخمة لروسيا وايران والنظام حول إدلب وريفه تنذر بالتحضير لهجوم بري محتمل على إدلب للقضاء على آخر معقل للمعارضة السورية المسلحة ويتوقع الروس وبسبب انشغال تركيا بأزمة شرق المتوسط فإنها لن تستطيع الرد على هذا الهجوم البري والجوي وربما تحصل تركيا مقابل عدم ردها على الهجوم بدعم روسي لها في ليبيا وشرق المتوسط، وتشارك أمريكا في لعبة شرق المتوسط فإما تدفع اليونان نحو حرب إقليمية بالوكالة عنها أو تسمح لتركيا المضي قدماً بمشروعها التنقيب عن النفط والغاز في مياهها .
وتواجه تركيا تصعيداً عسكرياً يقوده مثلث مصري فرنسي يوناني ضدها شرقي المتوسط مما يهدد باندلاع حربٍ بينهم بالرغم من عضوية تركيا وفرنسا واليونان بحلف الناتو، وفي حال قررت واشنطن صب الزيت على النار فإنها ستدعم اليونان وفرنسا انتقاماً من تركيا التي تحاول التململ جزئياً من العباءة الأمريكية وتحاول التنسيق مع الروسي، ولعل فرنسا راغبة في هذه الحملة على تركيا أكثر من غيرها،
اليونان ليس بمقدورها مجابهة تركيا بمفردها واستقواءها بمصر والاتحاد الاوروبي لن يسهم بحل الأزمة على العكس من ذلك سيزيد من إصرار وتشبث الأتراك بحقهم الشرعي في التنقيب عن النفط والغاز وسترسل تركيا المزيد من قواتها البحرية والجوية الى المنطقة لحماية سفنها الثلاث المعدة للتنقيب عن الغاز والنفط من أي هجوم محتمل قد تشنه اليونان التي تلقت احدى فرقاطاتها درساَ قوياً حين حاولت الاقتراب من إحدى السفن التركية، فتركيا اليوم ليست تركيا عشرينيات القرن الماضي، الرجل المريض قد تعافى وشفي من مرضه وأصبح باستطاعته الوقوف على رجليه بدون قروض من البنك الدولي الذي كان يسلبهم القرار السيادي، ولعلهم وبفضل القيادة الوطنية الشريفة والمخلصة لحزب العدالة والتنمية ودعم الشعب التركي لها استطاعت وبفترة زمنية قصيرة تسديد جميع الديون الخارجية والداخلية والنهوض بتركيا ودخولها منتدى العشرين للدول الصناعية .
وقد صرّح العميد الركن فاتح حسون “القائد العام لحركة وطن” للعربي الجديد” حول (دلالات متابعة تسيير الدوريات التركية الروسية المشتركة) بما يلي:
إن متابعة الدوريات الروسية التركية المشتركة من جديد على الطريق م4 هو دلالة على استمرار التفاهم بين الطرفين، وتوقفها يعني وجود خلاف إما مؤقت أو دائم، وبالتالي يحتاج لتفاهم جديد.
وفي ظل الظروف الميدانية الحالية والحشود في منطقة إدلب التي تقوم بها الأطراف المعادية (نظام الأسد وداعموه) يبدو أنه حتى في ظل ذلك ما زالت توجد بعض التفاهمات، وهذا تمت ترجمته ميدانيا باستئناف الدوريات المشتركة.
حتى متى تبقى هذه التفاهمات؟ فهذا مرتبط بتفاهمات تركيا وروسيا في ليبيا، لذا فتخفيف تركيا من حدة تصريحاتها حول (سرت) قابله تخفيف حدة التوتر في منطقة إدلب الذي تقوم به روسيا وتشرف عليه.
وأعتقد أن الصفعة القوية التي تلقاها الروس والنظام في المعركة الأخيرة من الأتراك ستجعلهم يتحسبون لمفاجآت ويعدون للعشرة قبل التحرك.