معالم مرحلة خطيرة في المنطقة
عمار هارون – المركز السوري سيزر 16.08.2020
لقد تابعنا في الأسابيع الماضية ثلة من الأخبار المتتابعة المتلاحقة لا نكاد نستوعب أحدها حتى يهجم علينا نبأ آخر فيصدمك أو يفجعك ويبدأ عقلك المتخم بأحداث عظام تتصارع داخله ويبدأ بالتحليل والاستنتاج حتى يقع مغشي عليه من هول ما يمكن أن يرى من النتائج المفجعة أو كثرة الأحداث القابعة في ذاكرة المخ -هذا إن بقي على حاله ولم يتبخر- لدرجة يتمنى أن نتوقف عن متابعة الأخبار ومجريات الأمور في هذا العالم الفسيح من كثرة الاحباطات والهموم وجروح ألمت بوطننا العربي والإسلامي بل العالم بأسره وأصبح محط أحداث هوجاء لا تعرف لها قرار وكأنه قُصد لها ذلك وخُطط.
فلو حاولنا أن نسلسل الأحداث في المنطقة حولنا قد نقع في حيرة ولكنه شر لا بد منه وواجب ملقى على عاتق كل مثقف وغير مثقف لأن هموم المسلمين هي همومنا وواجبنا أن نهتم بها لأننا جزء لا يتجزأ منها.
أحداث سوريا كما هي بل تزداد سوءًا بتآمر دولي وتنفيذ روسي سوري إسرائيلي حيث القصف الهمجي لم يهدأ على إدلب وبعض البلدات ومازال مسلس التهجير قائما، أما جارتها تركيا فمشغولة بأحداث العراق حيث الأكراد بالإضافة الى مشكلة اليونان والتنقيب عن البترول والمؤامرة الدولية حولها كي توقف التنقيب لمنعها من مسابقة الأمم المتقدمة اقتصاديا وسياسيا وعليه فقد نفذوا مع مصر مؤامرة التوقيع على اتفاقية رسم الحدود المائية مع اليونان متخلية مصر عن آلاف الأميال البحرية لصالح اليونان. ومشكلة صرف الليرة والتآمر عليها مازال قائماً ودول تحاول أن تهدم الاقتصاد التركي من الداخل أي محاولة خنق تركيا براً وبحراً وجواً…
أما الإمارات فتقوم بنشر وبث تدخلاتها المقلقة في اليمن وليبيا والسودان وسوريا وكل مكان عامر تحاول أن تحيله إلى خراب عن عمد أما صفقة فلسطين فهي إحدى القضايا المركزية للمسلمين لم يهدأ يوماً السجال بيننا وبينهم في محاولة لضم الضفة أو قصف غزة وأخرها فتح باب تطبيع العلاقات مع أولاد العم في الدول العربية حيث أقدمت الامارات علنا وبدون ادنى حياء في تطبيع العلاقات مع اليهود متخلية عن الأقصى والحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في القدس والحرم.
وعندما تحاول أن تفهم ما يجري في خضم تلك الأحداث تظن أنها متناثرة متباعدة لا شيء يربطها ولكن بنظرة فاحصة وبلحظة هدوء وتبصُر يبدو لك أن خيوطا غير مرئية تربط كل هذه الأحداث تحت طاولة النظام العالمي والتحكم بمسارات الأحداث لصالح إحداث فوضى عارمة كي تتدخل قوى عالمية متمكنة لفرض أجندات لها في وقت يرزح فيه العالم العربي والإسلامي تحت وضع مزري، حيث لن يجرؤ أحد على الاعتراض مهما كانت الاملاءات مذلة وفاضحة فاقعة وحيث كل قطر مشغول بترهاته التي صنعوها له كيف له أن يفكر في الاعتراض أو المقاومة وإذ يقبع في سجون الطغاة خير علماء الامة ومفكريها ومنوريها والذين ما أودعوا السجون الا للحظة كهذه كي يخلو للنظم الفاسدة الظالمة ارتكاب جرائم عقد صفقات مشوهة لبيع القضية الفلسطينية في حين غفلة من شعوب المنطقة المخدرة تماما. وما اغتيال د عصام العريان واخوته في سجون السيسي الا حلقة من التآمر الدولي على قضايانا المصيرية وما حدث له دلالاته العميقة في سلسلة الاحداث: ضم الضفة و اغتيال د عصام العريان و اعلان الاتفاق المذل بين الامارات وبني صهيون لتطبيع العلاقات واحتدام التنافس في البيت الأبيض مع رضا كلي الحزبين على إرضاء اليهود جاءت مواكبة ومتتالية مع اعلان التطبيعات مع اليهود ورسم لمرحلة جديدة خطيرة في مستقبل الامة.
وعليه فعلى جميع العالم العربي والإسلامي أن يرفعوا رؤوسهم ويتفحصوا ثوابتهم سواء على مستوى الدين أوعلى كل المستويات الأخرى الحضارية والاقتصادية والوجودية. ومن هذه الثوابت التي لا تقبل التبديل أو التعديل أو حتى شيء ما من المساومة:
1-القضية الفلسطينية 2-القضية السورية 3-الوحدة العربية والإسلامية 4-حماية مقدساتنا الإسلامية والعقدية 5-تشكيل جبهة سياسية ثقافية واقتصادية موحدة لمواجهة الغزو القادم- شاهرا كل أسلحته المدمرة.
وعلى مستوى الأحداث في العالم العربي والإسلامي نستطيع أن نضع بعض المؤشرات على تراجع مستوى الأمن والفكر ووحدة الدولة العربية والإسلامية:
1-ضم الضفة الغربية علنا وبدون مواربة او خجل 2-أحداث السعودية والإمارات من اعتقال للنخب التي كلن لها دورا حساساً في توجيه وعي الشعوب اتجاه قضاياهم العادلة 3-الانتخابات الأمريكية لن تغير شيئا 4-الاتجاه لحل القضية السورية وفق هوى روسيا وإيران وإسرائيل بموافقة ورعاية عالمية.5-الضغط على شعوب المنطقة كي تقبل باي صفقة يعقدها عملاء النظام الدولي في الدول العربية والإسلامية وتخدير فكر وعقيدة الشعوب العربية الموحدة.
أصبح معيار حل القضية السورية هو مدى ملائمتها مع معايير التفاهم والتناسق مع تطبيع العلاقة مع اليهود التي سبق النظام السوري كل الأنظمة الأخرى في تطبيعها وتطبيقها عمليا في الجولان وغيره، فأصبحت إسرائيل اللاعبة الرئيسية والسمسار الأساسي للحلول في المنطقة تمر عبرها وخلالها تمهرها بخاتم الرضا وتوقع على بيع القضية الفلسطينية بأرخص الأثمان.
ووفقا للمعطيات الحالية لم نجد نظاما عربيا قد رفض هذا التطبيع الرسمي، وإنما جاءت الردود القوية من الشعوب الثائرة المضطهدة حيث أعلنت بكل قوة وشرف رفضها لأي مبادرات تطبيعيه مع عدو محتل للأرض العربية والإسلامية فيها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفيين فالتنازل عنها خيانة لله وللرسول وللشعوب ولكل القيم والمواثيق العالمية.
وختاماً فإن الأيام القادمة حبلى بالأحداث والمفاجئات المصيرية التي سترسم مستقبل المنطقة لسنوات قادمة طويلة وسيحدد فيها مصير سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر (وهي مقبلة على حالة من العطش كبيرة جداً بسبب سد النهضة)، وكذلك هناك تحد كبير لتركيا القوية حيث سيجتمع ويتكالب عليها كل المتآمرين مع اليهود من كل دول العالم ليجعلوها ترضخ لشروطهم وتنضم مذعنة للسياسات المرسومة للمنطقة وفق النظام العالمي الجديد الذي بدت واضحة معالمه في المنطقة من خلال جعل الشرطي الإسرائيلي رئيساً على ورشة عمال المنطقة وآمراً وناهياً وملبياً لكل طموحات ومخططات هذا النظام الدولي المجرم.
وبكل تأكيد لن يقف في وجه هذه الأطماع والمخططات إلا شعوب المنطقة العربية المسلمة الواعية التي لها من الإمكانيات إن اتحدت في مواجهة هذه الهجمة الشرسة كفيلة بإذن الله برد كيد المخططين المجرمين في نحرهم والوقوف في جانب الحق وعدم التنازل شبراً واحداً عن الأماكن المقدسة في أي مكان أو عن أي حق عربي إسلامي.
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)-الحج