التقرير الأسبوعي لأهم التطورات والمتغيرات 23 – 29 تشرين الثاني
29/11/2020
التقرير الأسبوعي لأهم التطورات والمتغيرات
06/12/2020

مستجدات الوضع السوري

د. سامر عبد الهادي علي – المركز السوري سيرز 30.11.2020

   بالرغم من التراجع الذي شهدته القضية السورية كأولوية لدى الكثير من القوى الدولية الفاعلية نتيجة بروز قضايا كبرى ذات أهمية جيو- استراتيجية إقليمية ودولية، إلا أنّ الملف السوري لا يزال ضمن قائمة أولويات تلك الدول على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية وحتى الإنسانية. ولا يزال هذا الملف يشهد متغيرات مستمرة وإن كانت بطيئة في الفترة الأخيرة، إلا أن هذه المتغيرات والتطورات تشير إلى واقع جديد قد يرتسم سياسياً وعسكرياً، سواء من خلال تفاهمات واتفاقيات معينة، أو من خلال تضارب المصالح وتعارضها ما يعني مزيداً من الصراع على الساحة السورية. ويمكن الإشارة إلى أهم تلك التطورات والمستجدات التي شهدها الملف السوري من خلال النقاط التالية:

أولاً: مستجدات الوضع الداخلي:

1– تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مناطق سيطرة النظام السوري، وافتقار تلك المناطق لأدنى مقومات الحياة، وهو ما دفع النظام إلى إجراء تغييرات على مستوى الحكومة بإقالة حكومة خميس وتشكيل حكومة جديدة بهدف وقف التدهور الحاصل في مناطق سيطرته، وهو ما فشل في تحقيقه رغم ذلك.

2– محاولة النظام إعادة شرعنة نفسه بدعم روسي- إيراني من خلال إجراء انتخابات صورية لما يسمى “مجلس الشعب” من جهة، والعمل على استغلال قضية اللاجئين لصالحه من خلال عقده لمؤتمر “عودة اللاجئين” بادعائه أنّ الأوضاع في سورية أصبحت أكثر أمناً وأنّ الحياة بدأت تعود لطبيعتها، وهو ما فشل به أيضاً لأسباب عدّة أهمها إدراك السوريين جميعاً لأكاذيب النظام وألاعيبه في محاولة استغلال السوريين في الخارج بهدف دعم اقتصاده المنهار وشرعيته التي أسقطها الشعب السوري عنه منذ سنواتٍ تسع.

3– تغيرات جديدة في خارطة السيطرة والنفوذ على الأرض بين مختلف مناطق سورية، حيث شهدت انسحاب عدد من نقاط المراقبة التركية من مناطق سيطرة النظام وروسيا الأخيرة عليها في أرياف حماة وإدلب وحلب، ما يعني تفاهمات جديدة تركية – روسية تحديداً لإعادة تموضع جديد بين الاطراف الفاعلة، بما فيها منطقة شرقي الفرات التي تشهد حشوداً تركية قد تنجم عنها عملية عسكرية مرتقبة، هددت تركيا بها أكثر من مرة في حال استمرار وجود عناصر حزب العمال الكردستاني على الأراضي السورية.

4– دخول ملف إدلب مرحلة الضبابية بما يخص النواحي الأمنية، خاصة بعد سحب تركيا لعدد من نقاطها العسكرية من المنطقة، ما تم تفسيره باتجاهين مختلفين، الأول: احتمال أن تقوم روسيا بعمل عسكري جديد للسيطرة على مناطق ضمن ما تسميه اتفاق سوتشي، والثاني: تحضير تركيا لعمل عسكري باتجاه مناطق النظام لإعادة السيطرة على ما فقدته قوات المعارضة في الحملات الأخيرة للنظام وروسيا وعدم إبقاء قواتها كنقطة ضعف لها في مناطق سيطرة النظام وروسيا.

ثانياً: مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية:

1– بروز ملفات جديدة ضاغطة على الأطراف الإقليمية والدولية وطبيعة العلاقات فيما بينها أهمها قضية أذربيجان وأرمينيا، وملف شرقي المتوسط، وملف “الإسلام فوبيا” في الغرب، والانتخابات الأمريكية وتداعيات خسارة ترامب وفوز بايدن، وتأثير هذه الملفات على الملف السوري من النواحي كافة.

2– تموضع تركيا الجديد في إدلب جاء نتيجة تفاهمات مع روسيا ظاهرياً ومع الأطراف الأخرى الفاعلة، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل غير معلن، قد ينتج عنه لاحقاً سيطرة عسكري تركية جديدة من خلال قوات الجيش الوطني السوري على مساحات جديدة في منطقة الجزيرة والفرات، خاصة منطقتي منبج وتل رفعت بريف حلب، كأولوية لدى تركيا لحماية حدودها الجنوبية من تهديد الميليشيات الكردية لأمنها القومي.

3– انتصار أذربيجان بدعم تركي كامل على أرمينيا المدعومة روسياً ويونانياً وفرنسياً، وعدم تراجعها في ملف شرقي المتوسط، أعطى تركيا دفعة قوية في استمرار سياساتها الناجحة في التدخل الإيجابي في مناطق تعتبرها استراتيجية بالنسبة لها، وهو ما قد ينعكس على دورها في سورية من خلال مزيد من التدخل والسيطرة في مناطق

4– عودة بروز ظاهرة “الإسلام فوبيا” بقيادة فرنسية هذه المرة وما نجم عنه من إثارة مشاعر المسلمين في العالم حرّكت حكومات العديد من الدول الإسلامية للتكاتف فيما بينها والتصدي لتلك الحملات الغربية، ما أدى إلى تقارب بين بعض تلك الدول المتخاصمة في مقدمتها التقارب الأهم الذي بدأ يظهر بين تركيا والمملكة العربية السعودية وما له من منعكسات إيجابية على الملف السوري قريباً.

5– إضافة لذلك، شكلت الانتخابات الأمريكية ونتائجها في الإطاحة بترامب الجمهوري، وفوز بايدن الديمقراطي غير المتوقع، شكلت العامل الاهم والمستجد الأبرز على مختلف الأصعدة، خاصة على مستوى منطقتنا التي تعد أبرز المتأثرين بهذه المتغيرات الجديدة، وهو عامل آخر زاد في التقارب السعودي التركي من جهة، وأعاد حسابات روسيا والنظام وإيران حول إمكانية فرض نفوذهم وسياساتهم في السيطرة على بقية المناطق عسكرياً، أو إعادة شرعنة نظام الأسد سياسياً على المستويين الداخلي والخارجي من جهة أخرى، ما يعني انتكاسة جديدة لهذا المحور، وتنامي الدور الإيجابي لتركيا وحلفائها في سورية من جهة أخرى قد تظهر نتائجه قريباً.

6- بدأ اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف من خلال انعقاد الجولة الرابعة لهذه اللجنة في ظل كل تلك المستجدات الداخلية والخارجية، وفي ظل تفاعل عربي مستجد في هذا الإطار من خلال الاجتماع التشاوري الذي عقدته كل من السعودية والإمارات ومصر والأردن، على مستوى كبار المسؤولين في وزارات الخارجية، لبحث تطورات الأزمة السورية وسُبل تسويتها وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254”، بما يحفظ وحدة سورية وسلامة أراضيها، وهو تطور ملحوظ للدور العربي في إمكانية دعم القضية السورية ضمن إطار التفاهمات الإقليمية والدولية، رأينا انعكاساتها على المعارضة السورية مباشرةً بإعلان الائتلاف السوري المعارض تشكيل هيئة عليا للانتخابات، لاقت معارضة شديدة من جانب الشعب السوري في الداخل والخارج، وهو ما دفع الائتلاف إلى تجميد هذه الهيئة وليس حلّها نهائياً كما هو مطلوب، ليكون للقوى الفاعلة في الملف السوري الكلمة الأخيرة في كل ما يجري.

مستجدات الوضع السوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *