كل حركة إسلامية تنأى بنفسها عن النقد الذاتي، أو تصمُّ آذانها عن الاستماع لنصائح من يخلص لها، لا يرجى لها كمال.
موفق شيخ إبراهيم 05.01.2021
ملاحظاتٌ حول موقفي من تعزية حماس للهالك سليماني:
– مرجعيتنا الإسلامية لا تبيح لنا التعزية برجل مارق من الدين مروق السهم من الرميَّة، أو محارب للدين وأهله، كحال هذا الهالك سليماني الذي جمع بين الحالتين.
– ماذا لو تعاون السوريون والعراقيون، الذين تخلى عنهم الجميع مع إسرائيل! هل أحد يقبل بهذا المنطق من التفكير، اجتمع الخصوم علينا وأذاقوا بنا الويلات من تنكيل وفناء، ولم نسمح لأنفسنا أن نتكلم بفقه الضرورة، ورسول الله والصحابة معه أكلوا أوراق الشجر ثلاث سنوات ولم يهادنوا معسكر الشرك على دينهم.
– المشكلة أن بعضاً من أبناء حماس ما زالوا ينظرون إلى إيران على أنها دولة إسلامية، وبعضهم يرى أن مرشدهم هو مرشد عامَّة المسلمين!. وتعتقد حماس أن علاقتها بإيران استراتيجية! وحقيقة الأمر أن إيران اتخذت من حماس واجهة سنية لها حضورها في الشارع الإسلامي لتمرير مشروعها الخاص، ولإبعاد شبهة الطائفية عنها فأخذت تتاجر بقضية فلسطين، ومن سياستها الخارجية البحث عن ساحة من الفراغ تعمل فيها، وعندما تخلى حكام العرب والمسلمين عن فلسطين أخذوا ينشطون في ساحتها. وبدأت سلسلة المزاودات واحدة تلو أختها تصدر من إيران على أكتاف المسلمين.
– هل يصلح لحماس أن تسمح لسفلة القوم وأراذل الخلق أن يمتطوا ظهورهم! ويأخذوا مساعدات منهم مقابل مساهمتها في تلميع صورتهم المشينة أمام المجتمع الدولي؟!.
– هل تقبل حماس أن تشهد شهادة زور، وتعتبر سليماني شهيداً! وهو بعيد عنها بعد المشرقين؟! أم أن الغاية تبرر الوسيلة، والتي هي في الأصل تتعارض مع أدبياتنا الإسلامية.
– فقدت حماس عمقها الاستراتيجي وحاضنتها المجتمعية العريضة على امتداد العالم الإسلامي، بهذا الاجتهاد المتهافت! مؤثرة على كل هؤلاء تقاربها مع دولة الشرِّ والإفساد على سطح المعمورة أعني دولة إيران!.
– انحيازنا ووقوفنا إلى جانب الشعوب المستضعفة، خير لنا ألف مرة من الوقوف إلى جانب دولة الظلم والقهر والتسلط على الشعوب المقهورة.
– الظلم الذي تسبَّب به سليماني على المسلمين في العراق ولبنان وسوريا واليمن، بلغ أضعاف الظلم الواقع على الفلسطنيين على مدى عقود، فكيف لحماس أن تحرف البوصلة وتقف مع الرافضة في فسطاطٍ واحدٍ؟!.
– كنا ننتظر موقفاً من حماس كموقف أحمد بن حنبل في الثبات، والذي أحيا به أمة وجعلها تقف على أرض ثابتة في مسألة عقدية، دون مهادنة للباطل وأهله.
– من طبيعة المسلم أنه يقف مع الحق وأهله، تمايزاً للصفوف وتبايناً للألوان، مقابل الباطل وأهله ويشير للباطل بأصبعه على أنه باطل، امتثالاً لقوله تعالى:” وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين “. وموقف حماس الأخير لا ينسجم مع هذا كله.
– لدينا بوصلة من الهدي الرباني بمثابة مرجعية نصدر عنها ونصير إليها؟ أين نذهب بالثوابت الإسلامية؟. بدعوى الواقعية السياسية وفقه الواقع بدأنا في سلسلة من التنازلات فذهبت هيبتنا في نظر أعدائنا فبدأوا يتسلقون ظهورنا!.
– نزلت آية:” إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان “، في جواز النطق بالكفر تحت تهديد القتل المباشر لعامة المسلمين، ولم تجِز تعظيم أهل الشرك واعتبارهم مؤمنين وشهداء من جهة رموز جهادية.
– السياسة الشرعية باب من أبواب العلوم الشرعية، في قيادة الأمة وتحقيق مصالحها، وافر النفع، أفرده جماعة من العلماء بالتصنيف، وهذا الباب خطره عظيم؛ وعدم الفهم له يؤول إلى ما لا تحمد عقباه، قال ابن قيِّم الجوزية رحمه الله:” وهذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضنك، ومعترك صعب، فرَّط فيه طائفة فعطلوا الحدود، وضيعوا الحقوق، وجرءوا أهل الفجور على الفساد، وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد محتاجة إلى غيرها، وسدُّوا على نفوسهم طرقًا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له وعطلوها، وأفرطت فيه طائفة أخرى قابلت هذه الطائفة، فسوغت من ذلك ما ينافي حكم الله ورسوله، وكلتا الطائفتين أوتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله وأنزل به كتابه “.
ومن السياسة الشرعية عدم تعظيم أهل الشرك المقاتلين، ومديحهم واعتبار عملهم جهاداً وموتهم شهادة والتلبيس على الناس، بأنهم شهداء القدس وهم لا يريدون إلا قتل أهل السنة
ولو سنحت لهم الفرصة لأبادوا حماس وغزة إرضاء لشركائهم من أعداء الإسلام.
– ما الفائدة من التعاون مع المجوس مع أنهم أخطر على المسلمين من الصهاينة أنفسهم؟!.
لماذا نغضُّ الطرف عن حقيقة العلاقة الخفيَّة بين تل أبيب ورؤوس الإيرانيين؟!.
إنها لعبة كبرى منتهى غايتها أن نقبل بالصهاينة على أنهم أرحم من حكَّام أهل السنة وحكام الشيعة. إيران تجعل حماس تغوص في مستنقع التنازلات، لضرب الثقة بين أبناء أهل السنة!.
– تحت رعاية أمريكا مارس قاسم سليماني كل جرائم الإبادة، من قتل على الهوية السنية فقط، في العراق ثم فى سوريا؟ وتمثلت فى حرق الجثث، وتعليقها على أعمدة الكهرباء، أو سحلها في الشوارع، أو خلف الهمرات، أو تهجير جماعي للمواطنين، وسلب أموالهم، وأملاكهم، فيما يسمونها هم غنائم أهل السنة، واسألوا أهل السنة من الشعب العراقي والسوري؛ ومن آيات الله أن حرقت جثته.
– العبارات التي أطلقها اسماعيل هنية أثناء تشييع جنازة الخاسر سليماني فيها قلب للحقائق، وستسمعها الأجيال وتتأثر بها كون هنية رمزاً من رموز المقاومة الفلسطنية، وهنا تكمن خطورة الموقف، وفيها أيضاً تسويق للمجرمين وتلميع لصورتهم.
– قاسم سليماني هو القائد الأول لكل العمليات العسكرية خارج إيران ضدَّ أهل السنة، وقتل على يديه الآلاف فى سوريا والعراق، وللدلالة على نفوذه في واقعة شهيرة في عام 2008، تلقَّى الجنرال [ديفيد بترايوس]، قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة، اتصالاً هاتفيًا من الرئيس العراقي – آنذاك – جلال طالباني، وأتبعه برسالة نصية من سليماني، تقول:” عزيزي الجنرال بترايوس، عليك أن تعرف أنني قاسم سليماني، أتحكَّم في سياسة إيران فيما يتعلق بالعراق ولبنان وغزة وأفغانستان. وبالفعل، فإن سفيرنا ببغداد عضو في فيلق القدس، ذلك أن الشخص الذي سيحل محله سيكون أيضاً عضواً في فيلق القدس “.
– على حماس أن تعلم أن قضية فلسطين ليس قضيتهم فحسب، بل هي القضية المركزية لكل مسلم ولكل حرٍّ يعيش على سطح المعمورة. والقدس لا تتحرر إلا بدعمٍ ماليٍّ طاهرٍ، وبأيدٍ نظيفة من مثل أيادي الشيخ ياسين والرنتيسي وريَّان.
– لا تحسب حركة حماس، وبوصفها حركة جهادية، أنها وحدها في الميدان بلا رقيب يصوِّب مسارها وحسيب يوقفها عند تجاوزاتها.
– أريد أن أذكِّر حماس بأن نساء سوريا فترة اعتداء الصهاينة على غزة 2009م، خلعن حليهنَّ وتبرَّعن بها لأهل غزة، فإن كنتم تتكلمون عن الوفاء فإن نساء سورية اللواتي فقدن فلذة أكبادهنَّ على يد سليماني هنَّ أولى بالوفاء من هذا العلج الفارسي. وفي الحدِّ الأدنى راعوا مشاعرهنَّ ولا تسببوا لهن أذية أحباط ويأس.
– إصرار حماس التي تتحدث عن فقه الضرورة على تلميع صورة سليماني لافت ومريب، ولو أنها اكتفت ببيان إعلامي لتقبله جمهور المسلمين ولو على مضض، أما أن يتجاوز العزاء إلى دوائر ومساحات أخرى فهذه إشكالية خطيرة، وأخطر ما فيها تزييف الوعي عند كثيرٍ من أبناء المسلمين؛ وعلى وجه الخصوص الذين ليس لديهم إحاطة بجرائم الرافضة في البلدان العربية والذين يعرفون حماس وجهادها، من مثل المسلمين في أندونسيا وماليزيا.
1 Comment
عبرت عن مكنون صدورنا أخي موفق و قد أحزننا و أحزن عامة المسلمين مواقف حماس المتكررة تجاه إيران.
بارك الله بكم و جزاكم خيرا.