سياسة المعابر والالتفاف على قرارات مجلس الأمن
الباحث أحمد محمد الخالد
المركز السوري سيرز 05.09.2021
إنها سياسة الإلهاء وتغيير مضمون النزاع من إسقاط النظام إلى المعابر وخطوة باتجاه إكمال التغيير الديموغرافي، وخطورة تجارة المخدرات التي تقوم بها عصابة أسد واختراق أمني للمناطق المحررة، إنّ حدود عصابة الأسد مفتوحة مع الأردن والعراق ولبنان، فهو لا يحتاج لتلك المعابر الداخلية، ولكنها خطوة باتجاه التبييض السياسي وتسيس الوضع الإنساني لتحقيق مكاسب ولإنعاشه اقتصاديا.
ادّعت روسيا في تعليقها على ادخال قافلة المساعدات بأنها مساعدة للمدنيين والمهجرين في مناطق المعارضة (محافظة ادلب)، رغم أن الاحتلال الروسي المجرم كان وراء الأزمة الإنسانية لملايين السوريين الذين فروا من طائرات وصواريخ المجرم بوتين مع عصابات الأسد وولي الفقيه وميليشياته الطائفية، والتي توالت ولاتزال منذ ان دخلت روسيا بطلب من نتنياهو الصهيوني وبموافقة أوباما الشيعي الصهيوني الحاقد وبتمويل من عربان الخليج المجوس الحاقدين على كل ما هو إسلامي وعربي.
وكلنا نعلم بأن روسيا لو تمكنت من إغلاق المعابر التي يقتات منها الشعب السوري الحر لما توانت، وحتى لو استطاعت قطع الهواء عن الناس في الشمال المحرر لفعلت ذلك، بالرغم من أن عصابة أسد تستفيد من تلك المعابر بالطرق غير الشرعية، ومع ذلك سعوا لإغلاقها، وعندما عجزت طالبت بالمعابر الداخلية رغبة من النظام أن تدخل مناطق المعارضة في عقوبات قانون قيصر بإدخال تلك المناطق ضمن منطقة الحظر والحصار الاقتصادي من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
خلال الأيام القليلة الماضية دخلت عدد من الشاحنات محملة بالمواد الغذائية (من برنامج الغذاء العالمي) من مدينة حلب الخاضعة لسيطرة نظام أسد عبر معبر ميزناز إلى منطقة سرمدا بريف إدلب، وذلك بتنسيق مع حكومة “الإنقاذ”، وهو أمر سيكون له تبعات كارثية على الشمال السوري، أولها دعم الموقف الروسي بإغلاق معبر باب الهوى الرئيسي لدخول المساعدات للمناطق المحررة، وثانيها ان فتح العابر بين النظام وبين هيئة التحرير يعد تشريعاً واضحاً باعتباره تطبيعاً بين الطرفين على حساب ملايين المدنيين وتضحياتهم من جهة، وتنفيذاً للمخطط الروسي الهادف لإلغاء شرعية معبر باب الهوى الرسمي بمناطق سيطرة المعارضة وتحويل المساعدات الدولية والأممية إلى معابر خاصة بنظام أسد، وثالثها تشريع تحكم النظام بتوزيع المساعدات الدولية، ما يعني خنق المناطق المحررة.
تهدف روسيا من خلال تلك الخطوة إلى شرعنة حليفها المجرم بشار الأسد ونظامه، وبالتالي تسليمه زمام المعابر الداخلية والرسمية، وحينها يتحكم بالمساعدات الدولية ويستخدمها كسلاح جديد ضد المعارضة والفصائل الوطنية والفارين من ظلم بوتين وبشار وولي الفقيه، يضاف الى ذلك محاولة إظهار موسكو أمام المجتمع الدولي بأنها حريصة على مساعدة المدنيين والنازحين في الشمال السوري، لتغطي عورتها وجرائمها والمآسي التي خلفتها على الشعب السوري منذ تدخلها في سورية 2015.
إنها المرة الأولى التي تدخل فيها “مساعدات إنسانية” إلى الشمال السوري عبر مناطق سيطرة عصابة أسد، أو ما يعرف بالعبور من خلال الخطوط في خطوة باتجاه إلغاء المعابر الحدودية الواصلة مع تركيا، التي كان الاعتماد عليها بموجب قرار مجلس الأمن 2165 لعام 2014، وبالأخص عبر معبر باب الهوى.
وبحسب قرار مجلس الأمن 2165 (2014):
…
2 – يقرر أن الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركاءها المنفذين يؤذن لها باستخدام الطرق عبر خطوط النزاع والمعابر الحدودية باب السلام وباب الهوى واليعربية والرمثــا، إضافة إلى المعابر التي تستخدمها بالفعل، من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك اللوازم الطبية والجراحية، إلى الأشخاص المحتاجين في سائر أنحاء سورية من خلال أقصر الطرق، مع إخطار السلطات السورية بذلك، ويؤكد تحقيقاً لهذه الغاية ضرورة استخدام جميع المعابر الحدودية بشكل كفوء لأغراض العمليات الإنسانية للأمم المتحدة.
3 – يقرر أن ينشئ، تحت سلطة الأمين العام للأمم المتحدة، آلية للرصد تقوم، بموافقة البلدان المعنية المجاورة لسورية، بمراقبة تحميل جميع شحنات الإغاثة الإنسانية التي ترسلها الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركاؤها المنفذون في مرافق الأمم المتحدة ذات الصلة، ومراقبة فتح أي شحنة منها بعد ذلك من قِبل سلطات الجمارك للبلدان المعنية المجاورة، من أجل المرور إلى سورية عبر المعابر الحدودية باب السلام وباب الهوى واليعربية والرمثا، مع إخطار الأمم المتحدة للسلطات السورية، من أجل تأكيد الطابع الإنساني لشحنات الإغاثة هذه.
…
5 – يقرر كذلك أن ينتهي العمل بالأحكام الواردة في الفقرتين الثانية والثالثة من منطوق هذا القرار بعد 180 يوماً من تاريخ اتخاذه، وأن تخضع للاستعراض من قبل مجلس الأمن.
…
9 – يعيد التأكيد على أن الحل المستدام الوحيد للأزمة الراهنة في سورية لن يتحقق إلا من خلال عملية سياسية شاملة للجميع بقيادة سورية ترمي إلى التنفيذ الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 الذي وافق عليه المجلس، بوصفه المرفق الثاني لقراره 2118 (2013)…
وبالتالي من خلال القرار 2165 لعام 2014 نلاحظ أن الوضع الميداني يخضع للمراجعة والاستعراض الدوري أمام مجلس الأمن. وحاليا وضع المعابر في الشمال السوري أفضل بكثير من تلك التي تتبع لعصابة أسد وبالتالي يجب الاعتماد عليها والمحافظة على ورقة القوة ولا يمكن منحها لمجرم حرب الذي عمل تحت شعار سياسة “الجوع أو الخضوع” كما نلحظ أنه لم يشترط القرار أن يتم إدخال مساعدات من مناطق عصابة أسد إلى مناطقنا المحررة لاستمرار دخولها من المعابر المذكورة في القرار، علما أن الأمم المتحدة توزع من برنامجها على الشكل التالي:
% 63 لمناطق سيطرة عصابة أسد، % 17 لمناطق قسد، %20 للمناطق المحررة
أي لكل منطقة حصتها من الدعم الإنساني بحسب نسبة السيطرة يتم تخصيص نسبة المساعدات؛ أي تناسب طردي بين النسبة والسيطرة فإدخال أي نوع من الدعم الإنساني عن طريق عصابة أسد هو اعتراف دولي بخضوع هذه المنطقة لسلطته وحمايته وقطع الطريق على المنظمات الفاعلة في الشمال أو على الأقل تحتاج لترخيص منه أو العمل تحت توجيهه.
أما القرار الأممي 2585 لعام 2021:
1 – يطالب بالتنفيذ الكامل والفوري لجميع أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة كلها، بما في ذلك القرارات 2139 (2014)…
2 – يقرر تمديد الإجراءات التي قررها في الفقرتين 2 و 3 من قراره 2165 (2014) لمدة من ستة أشهر، أي حتى 10 كانون الثاني 2022، على أن يقتصر هذا التمديد على معبر باب الهوى الحدودي، مع تمديد لمدة ستة أشهر إضافية، أي حتى 10 تموز 2022، رهنا بصدور التقرير الموضوعي للأمين العام، على أن يركز بوجه خاص على مسألة الشفافية في العمليات والتقدم المحرز في الوصول عبر خطوط النزاع لتلبية الاحتياجات الإنسانية.
وبالتالي وفقا لهذا القرار يمكن أن نرسل من مناطقنا لمناطق عصابة أسد المساعدات التي تدخل ووفق الحصص المحددة من الأمم المتحدة وليس بالاتجاه العكسي.
وإن وافقنا على المساعدات القادمة من مناطق مجرم الحرب سيستغل هذا النجاح بإيصال المساعدات لكل المناطق وبالتالي سيذكر الروسي في مجلس الأمن أنه لا حاجة لمعبر باب الهوى وبالتالي سيكون بشار أسد وزمرته هم الوحيدين بعلاقة الملف الإنساني؛ ويسوق لنفسه إنسانيا ويستغلها سياسيا، وبالتالي قد تشدد الاوتشا على المنظمات وتطلب ترتيب أمورها مع “سالب السلطة بشار الارهابي” بحجة أن العمل الإنساني حيادي وليس سياسي وبالتالي سيستثمر هذه الحالة سياسيا وقد يقوم الأمين العام خلال هذه السنة بتقديم تقريره ويتم تعطيل التمديد لمعبر باب الهوى بحجة وجود معابر داخلية ناجحة مع النظام الاسدي، وسيتم توظيفها كسلاح لتفكيك المجتمع في المناطق المحررة.
على الجهات الثورية الفاعلة في الشمال السوري أن تدرس الموضوع بعناية لصالح أهلنا في المنطقة، حيث يُجمع الشارع السوري الثائر والمعارض على رفض فتح معابر مع مناطق سيطرة عصابة أسد، الذي يحاول فاشلا التطبيع ورفع العقوبات والإفلات من العقاب والحصول على دعم إعادة الإعمار قبل بدء الانتقال السياسي كما ورد في القرار 2165 لعام 2014 والذي أكد عليه القرار2585 لعام 2021 وطالب بتنفيذه فوريا.
والمطلوب من الأمين العام أن يوافي المجلس بإحاطة شهرياً وأن يقدم تقريرا بانتظام، كل 60 يوما على الأقل، بشأن تنفيذ قرارات عدة تتعلق بالشأن السوري وبالتالي كل خطوة من الأطراف محسوبة ولها منعكس سياسي.