خمس وسبعون عاما على الامم المتحدة.
د. هيثم عياش
هل صحيح أنه لولا قيام منظمة الأمم المتحدة لبقي العالم يعيش في كوارث الحروب والفقر؟
نحن لا ننكر أن للمنظمة مساهمات كثيرة وكبيرة تكمن بمساعدة الشعوب الفقيرة والعمل على مكافحة الأمراض المزمنة مثل الجدري والحصبة وتأسيسها فرع حماية الطفولة / اليونيسيف / وسعيها لوضع حد لتلوث البيئة والمناخ ومكافحة الجوع من خلال برامج التغذية الدولي إضافة الى سعيها لتدمير الاسلحة الكيمياوية وحصر انتاج الاسلحة النووية.
ولعل أكبر إنجاز حققته المنظمة اتفاقيات حقوق الانسان.
لقد كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إنجازا مذهلا عندما اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 1948. فقد كان الإعلان إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية.
هذه الاتفاقية أعادت للإنسان الثقة بنفسه والامل في حياة كريمة خالية من العنف والاضطهاد والتمييز العنصري والديني، و استطاعت الأمم المتحدة الاتفاق في عام 1966 على معاهدات الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية بدأت هذه الاتفاقيات نافذة عام 1976 ، كما قامت اتفاقيات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهضم حقوقها عام 1979 ولعل اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984 أهم اتفاقية لتكريس حماية كرامة الانسان، بالرغم من ان الكثير من دول العالم العضوة بالأمم المتحدة قامت بالتوقيع على هذه الاتفاقية الا انها لا تزال تنتهك بنود الاتفاقية .
صحيح ان الامم المتحدة استطاعت انهاء نزاعات مسلحة ووضع حد لحروب وقعت في العالم، إلا أنها شاركت أيضا بشكل غير مباشر ولا تزال هادئة جراء ما يجري للأقليات المسلمة والمسيحية في الصين واضطهاد النصارى في الهند والعنصرية ضد الاديان الاخرى التي تمارسها حكومة الهند وتهجير مسلمي بورما من قراهم وعدم اهتمامها بالتحقيق عن الجهة التي كانت وراء تهجير الارمن من بلادهم أثناء الحرب العالمية الاولى بالرغم من أصابع الاتهام تتوجه الى الدولة العثمانية، إضافة الى مشاركة المنظمة بشكل غير مباشر بالإبادة الشعبية في رواندا، فخلال الفترة ما بين أبريل ومنتصف يوليو عام ١٩٩٤ قتل اكثر من ٨٠٠ الف انسان في رواندا ، ولا ننسى مذبحة سربرينتشا يوم ١١ يوليو عام ١٩٩٥ اذ قتلت مرتزقة الصرب اكثر من ١٧ الف شخص أمام سمع وبصر قوات الامم المتحدة، ومنذ عام ٢٠١١ وحتى أيامنا هذه لم تستطع الامم المتحدة إنهاء جرائم طاغية سوريا بشار اسد باستمرار إبادته وتهجيره الشعب السوري بدعم من روسيا وايران، كما عجزت المنظمة عن إنهاء مأساة الشعب اليمني بالحرب القائمة ببلاده بين السعودية ومعها الامارات العربية المتحدة وبين ايران .
وفي الوقت الذي تحتفل فيه منظمة الأمم المتحدة بمناسبة مرور خمس وسبعون عاما على إنشائها، فإن تطلعات وآمال شعوب العالم مرتبطة بالجهود التي تبذلها هذه المنظمة الدولية الكبرى من أجل بناء عالم أفضل يسوده الأمن والسلام وعلاقات التعاون والاحترام بين جميع دول العالم ولخير البشرية. ولن تستطيع المنظمة الدولية تحقيق السلام والرخاء لشعوب العالم الا بإصلاحات على بنيتها التحتية وخاصة إصلاحات وتغييرات على مجلس الامن الدولي الذي تحتكره الدول القوية.