خطوات نحو نهاية دفء العلاقات التركية الروسية
د. محمد هيثم عياش
ربما تكون نبرات الانتقادات التي وجهها مؤخراً، الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان اثناء زيارته للعاصمة الاوكرانية كييف، لروسيا بسبب احتلال موسكو لشبه جزيرة القرم وتأكيده على شرعية اوكرانيا بالقرم، وابدائه قلقه على وضع مسلمي القرم، إضافة الى الاشتباك العسكري الذي وقع بين الجيش التركي ومرتزقة نظام بشار اسد في محافظة ادلب وعلى تخومها مقدمة لعودة البرودة الى شرايين العلاقات التركية الروسية.
الانتقاد التركي باوكرانيا لموسكو لم يكن عشوائيا، فأنقرة مستاءة من موسكو لعدم التزامها بالاتفاقات التي تم التوصل اليها بشأن سوريا.
اذن فاعتداءات مرتزقة بشار اسد على جنود اتراك بالقرب من إدلب، انما كانت بدعم وتحت غطاء روسي اذ إن النظام السوري لا يمتلك الجرأة على مهاجمة الجيش التركي، هذه الاتفاقيات التي تكمن في عدم قيام النظام السوري وروسيا وإيران بمهاجمة قرى ومدن محافظة إدلب التي تعتبر معقلا للاجئين السوريين الذي هُجِّروا من مدنهم وقراهم جراء سيطرة مرتزقة بشار اسد على مدن وقرى الغوطة وحمص وحلب وغيرها من المدن والمناطق التي كانت تابعة للشعب السوري.
والواقع ان الاتفاقيات التي تمت بين انقرة وموسكو وطهران بشأن الحرب في سوريا ومن أجل انهاء مأساة الشعب السوري لم تحظى بأي دعم دولي، كما زادت هذه الاتفاقيات من مأساة اللاجئين السوريين الذين لم يعودوا يجدون ملاذا آمنا لهم، وعملت على تراجع ثقة اللاجئين وغير اللاجئين من الشعب السوري بمقدرة الحكومة التركية على إنهاء مأساتهم.
كما ساهم عدم التزام موسكو وطهران بالاتفاقيات، تراجع ثقة اللاجئين وغير اللاجئين من الشعب السوري ثقتهم بتركيا.
الانتقادات التي وجهها اردوغان لفلاديمير بوتين من كييف جاءت جراء خيبة امل انقرة من موسكو، ليس بسبب سوريا فحسب بل ايضا بسبب الحرب في ليبيا. فموسكو تدعم مع الامارات العربية المتحدة ومصر الجنرال المتقاعد خليفة حفتر الذي يريد القضاء على حكومة الوفاق الوطني التي تحظى باعتراف دولي.
فبالرغم من اعلان بوتين بمؤتمر برلين – ليبيا الدولي الذي عُقِدَ يوم 19 كانون ثان / يناير 2020 دعمه لقرارات وقف إطلاق النار في ليبيا لم يلتزم بتعهده وهو وراء تشجيع خليفة حفتر بانتهاك قرارات وقف إطلاق النار.
يخطئ من يعتقد بأن العلاقات التركية الروسية والتركية الايرانية جيدة، انما هي علاقات مصالح تنتهي بين غمضة عين وانفتاحها. فالحروب كانت دائما بين الدولة العثمانية والروسية، وخاصة الحرب بينهما بسبب اوكرانيا وشبه جزيرة القرم. ولهذه الحروب لها أسباب دينية وتاريخية.
كما أن السبب الرئيسي لدفء العلاقات بين انقرة وموسكو والزيارات المتكررة بين اردوغان وبوتين هو جراء تدهور العلاقات بين اوروبا وروسيا بسبب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم ودعم موسكو للانفصاليين بالشرق الاوكراني.
وأيضا بسبب عدم التزام الاوروبيين بالاتفاقيات التي تمت مع انقرة بشأن اللاجئين الذين تدفقوا على اوروبا، وأيضا لخيبة أمل انقرة من الاوروبيين لأنهم لم يبدوا رأيهم بالمحاولة الانقلابية التي استهدفت الحزب الحاكم في تركيا في 13 يوليو عام 2016.
العلاقات بين تركيا وروسيا مصدرها سياسة نابليون بونابرت الذي يقول عدو عدوي صاحبي.
هـ/ع