تطورات الوضع في الشمال السوري
عبد القيوم ياقتي
الأزمة الإنسانية في إدلب كبيرة جدا وفي تزايد نحو الأسوأ خصوصا وأنّ فصل الشتاء لا يرحم ببرده وصقيعه وأمطاره، وما زال عشرات الآلاف يتدفقون نحو الحدود التركية علهم يجدون بعض أمن هناك وكسرات خبز يسدون جوعهم وحاجتهم, وصواريخ النظام وحليفه الروسي لا تتوقف ليل نهار وتظهر تركيا بين الحين والآخر لتقول إنها لا تحتمل المزيد من اللاجئين وأنها طلبت من روسيا وقف الضربات الجوية التي تتعرض لها محافظة إدلب شمال غرب سورية وتدعو إلى وقف لإطلاق النار على أمل تسوية الأوضاع عبر مسار سياسي تفاوضي يفضي لحل الأزمة بشكل نهائي.
تقول مؤسسة “آي آي إتش” التي تتخذ من تركيا مقراً لها عن عدد السوريين الفارين من هجمات النظام وحلفائه تجاه الحدود التركية قد وصل إلى ما يفوق ال 400 ألف في ظروف قاسية وصعبة وهو رقم فاق كل التوقعات، وجاء الفيتو الروسي والصيني الأخير ليزيد من مأساوية الأوضاع ويحرم الكثيرين من أدنى مستويات المساعدة في الوقت الذي دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري للقتال الذي قال إنه شرد 30 ألف شخص في الأسبوع المنصرم وحده وذكّر كل الأطراف بالتزاماتها في حماية المدنيين وضمان حرية حركتهم.
وتحدث نشطاء ومنظمات إغاثية أن الطائرات السورية والروسية ما زالت تستهدف قوافل المدنيين الذين يحاولون الفرار من كل مناطق الحرب في إدلب وريفها مما أدى إلى حصار المئات هناك وقال محمد رشيد وهو ناشط إعلامي إن وضع المدنيين في المدينة في غاية التعقيد والمأساوية.
ويؤكد شهود عيان ان الناس تهيم على وجوهها لا تدري أين تتجه مفترشة الأرض ملتحفة السماء دون أدنى مقومات الحياة وفي أجواء من الأمطار والبرد الشديد فأين دعاة الإنسانية؟
ولا تزال المعارك بين الثوار والفصائل العسكرية التي تخلى عنها العالم كله من جهة والنظام وحلفائه من جهة بين كر وفر مع مزيد من الضحايا المدنيين في كل محاور القتال حتى وهم يحاولون الفرار من جحيم تلك الحرب.
جدير بالذكر أن ما يسمى “مركز المصالحة الروسي” أعلن مساء أمس الخميس عن بدء وَقْف إطلاق النار في محافظة إدلب، لكن الهجمات الجوية والصاروخية لم تتوقف في المنطقة حيث تم توثيق تعرُّض 15 قرية وبلدة للقصف حسب نشطاء وشهود عيان!
أما ما رشح عن لقاء بوتين أردوغان الأخير في إسطنبول فقد اكدت تركيا لروسيا بأنها لا تحتمل المزيد من اللاجئين وتسعى إلى وقف لإطلاق النار، ويتعلل الروس بمسألة الإرهاب والإرهابيين ويدّعون أنهم لا يستهدفون المدنيين وإنما الجماعات المتطرفة، وأن إدلب يجب أن تعود إلى النظام السوري.
وعن مذكرة التفاهم حول استقرار الوضع في مناطق خفض التصعيد وفق خطة تتحمل فيها روسيا المسؤولية عن تأمين الأمن خارج المنطقة منزوعة السلاح في إدلب وتركيا مسؤولة عن الوضع داخل هذه المنطقة وسط اتهامات من الطرفين بعدم تنفيذ بنود الاتفاق ويبدو أن روسيا غير مستعدة لمزيد من التعقيد في العلاقة مع تركيا، غير إن إصرار روسيا على ضرورة اتخاذ الترتيبات اللازمة لإزالة البؤر الإرهابية بزعمهم يزيد الأمور تعقيدا وترسل من خلال ذلك إشارة إلى أنها لن توقف القصف على هذه البؤر.
وقد أبدت روسيا تفهمها لقلق تركيا بشأن حماية حدودها الجنوبية في إشارة إلى الاتفاق التركي الأمريكي شرق الفرات والذي حمل هذا الخطاب تأكيد الموافقة على ذاك الاتفاق
كما تصر روسيا على فتح الطرق الدولية مهما كلف ذلك من ثمن وترغب أن تكون تركيا ضمن تنفيذ هذا المسار.
وقد أعادت أنقرة التأكيد على رؤيتها بأنه لم يعد للأسد أي مستقبل في سورية لتغلق في هذه الرؤية الباب أمام محاولات روسيا التمهيد لحوار بين دمشق وأنقرة.
وأكد الرئيسان التركي والروسي في اللقاء أن المسار السياسي وتهيئة الظروف المناسبة له هو الحل الأمثل للقضية السورية ولا بد من إزالة العقبات وتثبيت الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الوقت الراهن وكل ما سبق.
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أصدرت يوم الجمعة بياناً بشأن وَقْف إطلاق النار في محافظة إدلب شمال غربي سوريا والخاضعة لاتفاق خفض التصعيد، ويقضي الاتفاق بوقف الهجمات البرية والجوية التي ينفذها النظام السوري وحلفاؤه على مناطق خفض التصعيد شمالي البلاد، وأن وَقْف إطلاق النار سيبدأ اعتباراً من منتصف ليلة “السبت / الأحد” 12 كانون الثاني/ يناير الجاري.
من جهة ثانية ذكرت بعض المصادر التركية بأن وزيرا الخارجية مولود جاووش أوغلو والدفاع خلوصي أكار سيزوران روسيا الأحد المقبل.
وكلنا أمل ان يثبت هذا الوقف وان يكون دائما وألا يكون حبراً على ورق مثل الاتفاقات السابقة.