الهجرة والنزوح المتعدد هربا من سجن السلطة الطاردة القاتلة:
22/11/2020
المفوضية الوطنية للانتخابات
23/11/2020

تحديات المرأة السورية زمن الحرب

فلك شبيب

المركز السوري سيرز 23.11.2020

لربما فقدت المرأة السورية الكثير الكثير من الأهل والأقارب والمسكن، لكنها لم تفقد التحدي والأمل بمستقبل أفضل، فتراها انخرطت في الثورة السورية منذ انطلاقتها الأولى في آذار مارس 2011 م، تسعى كما الشعب السوري بكل أطيافه لنيل حريتها وكرامتها، متحديةً بشجاعة وثبات قلَّ نظيرها، كلّ أساليب القمع والقتل، عاملةً في ميادين الحراك السلمي كافة.

كانت ثورتها ضد ذلك النظام المستبد وضد كل السلطات والقوانين التي قيدتها وأهدرت كرامتها في حكم آل الأسد.

لكن مع موجات القمع الدموي الذي طال كلَّ المحتجين، من النظام الهمجي الدكتاتوري واجهها مصيرها المجهول الذي لم تألفه ولم تلقاه من قبل، سواء في السجون أو المخيمات أو النزوح داخل أو خارج الوطن، والذي كلفها من الجهد والوقت والعمر الكثير، ودفعت مقابله ثمناً فادحاً وحوّل أملها بحياة أفضل إلى ألم وحسرة.

فقد صار عبءُ الانفاق يقع على عاتقها، فاضطرت للعمل بأعمال صعبة قد لا توافق أنوثتها وتركيبها النفسي لأجل تأمين مستلزمات الحياة، موقنةً بأن دورها في البناء والتحدي الذي خلفته الحرب الهمجية لابد من استمراره لتخفيف وطأة الحياة الجديدة على أسرتها وعلى من تعول.

هذا الواقع فُرض على كثير من نساء سوريا بعد فقدان الأزواج والآباء والأبناء ما بين شهيد، معتقل، معاق، فحملن مسؤولية المعيل والإنفاق وبذلك دخلت المرأة مجالات متنوعة في سوق العمل قد لا تناسبها وربما تحتاج إلى مجهود عضلي وجسدي. 

تميزت المرأة السورية عن الكثير من مثيلاتها بقدرتها على التعامل مع الواقع المفروض عليها والتكيف معه وتجلى ذلك بشكل واضح خلال الثورة السورية التي فرضت على المجتمع السوري بكل أطيافه وفئاته.

 ومما أعانها على تخفيف تلك الصعوبات والتعامل معها بشكل أذهل كل المتابعين، هو ثقافة المجتمع السوري في تربيته للفتاة منذ نعومة أظفارها وتعليمها مهناً تعمل بها وتساعدها في أصعب الظروف المحيطة بها وخاصة الاقتصادية منها،

فترى الأسر حريصة كل الحرص على تعليم بناتهن مهناً يعملن بها عند الحاجة، كفنون حياكة الصوف والأشغال اليدوية والخياطة والتطريز، وحتى كيفية إعداد المؤونة الشتوية والمواد الغذائية البيتية بكافة أشكالها وأنواعها. لتتأهل الفتاة فيما بعد لحياة أسرية ناجحة تميزها بقدرتها على التدبير والاقتصاد المنزلي المعيشي تطبيقاً للمثل الشعبي: “صنعةٌ باليد أمانٌ من الفقر”.

إن المتابع للشأن السوري عن قرب يلاحظ أن المرأة السورية تحدت كل العقبات منذ بداية الحرب لغاية الآن ولم تضعف ولم تستكين ولم تيأس، بل على العكس أثبتت قدرتها على صمودها وقوتها

فتراها تسعى في كل اتجاه، لاتكلّ ولا تملّ كي تتحمل المسؤولية الجديدة التي ألقيت على عاتقها والتي صارت أمانة برقبتها.

 وهذا العمل والجهد والدور الريادي وسّع مداركها وفهمها للعالم من حولها وأكسبها الخبرة والتحدي، حيث لا مكان للضعفاء في مجتمع فقد كل معاني الإنسانية والرحمة، يضاف إلى ذلك تآمرٌ دوليٌ يزيل الجبال.

ومن باب الواقع والشهادة بما نراه ونشاهده، فإن تجربتنا مع النساء السوريات تتجلى فيها كل المعاني التي ذكرتها سابقاً، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن رابطة المرأة السورية أحد الأمثلة الناصعة على ذلك.

لقد أصبحت المرأة منتجة لبعض السلع التي تعتاش منها، وفي نفس الوقت تحث وتعلم وتدرب بناتها على السير على طريقها في تعلم المهن والحرف التي تناسب المرأة ولا تفقدها أنوثتها، لتخرج بذلك جيلاً من النساء القادرات على العيش الكريم في ظروف قد لا تسمح لهن بالتعلم والوظيفة.

تحديات المرأة السورية زمن الحرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *