تطور المناهج السياسية … الديموقراطية والخلافة
08/01/2023
الائتلاف الوطني السوري كمظلة سياسية ضرورية وآليات التغيير المطلوبة
14/01/2023
مشاهدة الكل

الوجود العربي في تركيا على طريق التنظيم والتطوير

الوجود العربي في تركيا على طريق التنظيم والتطوير

اتحاد الجاليات العربية نموذجاً

د. خضر السوطري – عضو مركز سيرز – نائب رئيس اتحاد الجاليات العربية

10.01.2023

مقدمة:

يبلغ تعداد العرب والناطقين بالعربية ما يقرب من عشرة ملايين شخص، منهم خمسة ملايين عربي من مختلف الدول العربية، ما بين تاجر وسائح ومُهجَّر من بلاده قسراً، إضافة إلى نصف مليون أفغاني يرطنون العربية. كما يوجد ما يقرب من ال ستة ملايين سوري في الشمال المحرر حيث تعتبر تركيا هي الضامن والمشرف عليهم انسانياً وأمنياً.

العصر الذهبي العربي في تركيا

حضرت بتاريخ من 6 الى10 أكتوبر عام 2010 مؤتمر الموسياد الثالث عشر لرجال الاعمال الاتراك المستقلين، وكان جزء من المؤتمر في فندق جواهر في إستانبول وجزء آخر في مسرح على ضفاف البوسفور حيث ألقى السيد أردوغان كلمة في المؤتمر وتحدث عن أرقام التبادلات التجارية المتصاعدة ما بين تركيا والبلاد العربية والإسلامية (مصر سوريا العراق وغيرها) وكيف ارتفعت إلى المليارات وكان مما قاله: احضروا المهرجان وكذلك المعرض واستفيدوا، هم سياحة وهم تجارة.

وكسوريين كان منتدى رجال الأعمال السوري من أول الهيئات التي أعلنا عنها، حيث تم اشهار انشاؤها في رحلة بحرية على البوسفور بتاريخ 07.10.2010 وقد انتخب الحضور المكتب التنفيذي وتطور المنتدى ليصبح الآن منتديات ومركز للتدريب والأبحاث وللتوظيف السوري في تركيا (رزق). ورحم الله صاحب هذه الفكرة المهندس محمد حسان ترجمان الذي توفي ودفن رحمه الله في تركيا في مقبرة الشهداء بتاريخ 08.10.2010.

بذور الانطلاقة العربية:

بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز عام 2016 وبتاريخ 09.08.2016 زار وفد عربي انقرة مهنئاً الرئاسة التركية والبرلمان ومركز سيتا (مطبخ سياسي تركي للأبحاث والدراسات) وحزب العدالة وعدداً من الوزراء وبلدية انقرة وكان الأهم في هذه الزيارة هو لقاء رئيس مجلس النواب السيد اسماعيل كهرمان لتلك القيادات العربية.

وكذلك تم دعوة الوفد العربي لحضور جلسة دورية للبرلمان التركي كمراقبين (من خلال الدور العلوي المفتوح) وكم كان الشعور رائعاً.

وقد حضر الوفد وهم عددٌ من ممثلي الدول العربية من سورية وفلسطين والسودان ومصر وكنت حاضراً ممثلاً عن اتحاد منظمات المجتمع السوري وبرفقة المهندس فاروق طيفور نائب رئيس المجلس الوطني السوري.

ولعل مهرجاناً أقامه العرب تحت اسم (شكراً تركيا) بنفس العام كان له دوراً كبيراً في التفكير بإنشاء كيان عربي منظم في تركيا، وقد طرح يومها اسم (النادي العربي) حيث تأسس   فعلاً وترخص ومازال موجوداً ولكنه لم يأخذ حقه في تنظيم ال خمسة ملايين عربي. وكان هذا المهرجان فكرة يمنية تحولت إلى عربية وتم ترخيصه ليكون في أحد الملاعب الرياضية الكبيرة في إستانبول وفي صالات متعددة وبحضور عربي كبير وقيادات عربية وافتتح المهرجان د ياسين اقطاي والقرضاوي وقيادات عربية وتركية قبل ستة سنوات وكان مهرجاناً فولكلورياً ثقافياً عربياً انشادياً بامتياز أظهر الثقافات العربية وتنوعها وجمالها.

وقد كان السؤال الملحّ: كيف يمكن المحافظة على الهوية العربية والثقافة وبنفس الوقت الاستفادة من التطور التركي دون ان نذوب في ثقافتهم؟

ومن هنا كانت فكرة التأسيس الرسمي لاتحاد الجاليات، والشيء بالشيء يذكر، أن السيد متين توران الصديق الإعلامي التركي، والذي عاش في مصر وأحب العرب، هو صاحب هذه الفكرة وكان حريصا أشد الحرص على إنجاحها وتنشيطها وهو يشغل الآن المنسق العام لاتحاد الجاليات.

الملتقى الأول لاتحاد الجاليات العربية:

بتاريخ 23.02.2019 كنّا على موعد لانطلاق المؤتمر التأسيسي لاتحاد الجاليات العربية في إستانبول حيث كان الترخيص بتاريخ 9 Kuruluş Tarihi 21.02.2019. وترخيص رقم 34-250-127

وقد كان الحضور التركي مميزاً في المؤتمر حيث دشن الافتتاح رئيس البرلمان السابق بن علي يلدريم. حيث ألقى كلمة أشاد فيها بالوجود العربي وأثره في تركيا وكان بحضور العديد من الجاليات العربية.

 

تعريف هذا الاتحاد ورؤيته:

وهو منظمة مجتمع مدني مرخصة في دائرة الجمعيات في تركيا إستانبول منذ ثلاثة سنوات

تضم تحتها العديد من ممثلين الجاليات العربية المقيمة في تركيا (ثماني جاليات حالياً). وعملها مدني خدمي بحت لا يتدخل في السياسة.

والجالية حسب تعريفهم هي: اسم يتم اطلاقه على عموم المقيمين من جنسية معينة في دولة ما، لتمثيل الجاليات الرسمية النظامية وكذلك أيضاً هو غير محصور على جمعية مرضي عنها من قبل سفارة بلد الجنسية وليست بالضرورة ان تكون تمثل الكل من اهل الجنسية.

الرؤية:

جاليات عربية متماسكة تعتز بثقافتها وتحافظ عليها مساهمة في التنمية والبناء في الجمهورية التركية

 الرسالة:

  • توحيد العمل المؤسسي العربي على أرض الوطن المضيف تركيا مفيدين لتركيا ومستفيدين منها.
  • الشعوب العربية شعوب ذات ثقافة اخلاقية إنسانية رفيعة تمتلك حيوية الأمة لبناء والمساهمة في الحضارة.

وخلال الثلاثة سنوات الماضية بذل اتحاد الجاليات العربية الكثير من الجهود لتطوير الفكر الأكاديمي العربي مستفيداً من الديموقراطية والمنح الجامعية الكبيرة وكذلك المهرجانات العربية وخاصة في المناسبات الرسمية والأعياد وقام  بزيارة انقرة مراراً وزيارة وزير الداخلية التركي ورئيس دائرة الهجرة في أنقرة  وكذلك في استانبول و هناك اعتماد رسمي لممثل اتحاد الجاليات العربية في دائرة الهجرة وقد ساهم الاتحاد في مؤتمر دعم الليرة التركية في استانبول قبل سنوات وفي حملات التبرع بالدم العربي بالتعاون مع الهلال الأحمر التركي ويشاركون منذ عام في دعم وتنظيم دورات الاندماج التركي الذي تنظمها دائرة الهجرة في عموم تركيا حيث نظموا دورة للجالية الصومالية مؤخراً  شملت ٧٥٠ صومالياً في يوم واحد.

قبل يومين وبتاريخ 08.01.2023 فقد أجرى الاتحاد مؤتمره السنوي الثالث، وقد اجتمع مجلس الأمناء في (خان الآغا) وهو منزول عربي ذو فلكور عربي. وقد حضر ممثلين عن ٨ جاليات عربية (سورية العراق مصر وليبيا والمغرب وموريتانيا واريتريا والصومال) وضيوف شرف

وناقشوا تقريرهم السنوي وأقروا خطتهم المالية وكذلك خطتهم لعام 2023 من خلال تسعة لجان عربية تشمل (العضوية والشباب والرياضة والتعليم والصحة والتطوير والإعلام وتنمية الموارد المالية) وقد صرح أحد أعضاء مجلس الأمناء أن ما تم صرفه وانفاقه والاستفادة منه خلال العام الماضي زادت قيمته عن ٣ مليون ليرة تركية، شملت بازارات ومهرجانات وإفطارات رمضانية ودعم للأيتام وأنشطة تجارية وخدمات مع دائرة الهجرة في خدمة الجاليات العربية.

وقد أقروا خطة طموحة ستشمل التوظيف والخدمات الطبية والقانونية والاندماج والتعليم والتدريب الأكاديمي وحل بعض المشكلات مع الجهات التركية. وزيادة العضوية العربية.

ورغم حرص الحكومة التركية على تطوير وتنظيم ومعالجة مستمرة لحل المشكلات العربية وخاصة مشاكل الإقامة وضبط الأمور الجنائية إلا أن هناك الكثير من الملفات التي تحتاج حلول وتطوير

والمطلوب من الجاليات العربية، المساهمة في التجارة والصناعة والتصدير لدعم الاقتصاد والاستفادة من الخبرات، وعلاوة على ذلك لا بد من تدريب وتنمية وتوظيف ودمج الكثير من العرب الذي أتوا لتركيا فارين لاجئين من بلدانهم يبحثون عن حضن دافئ.

افتتح الاتحاد فرع له في انقرة وقد قام الفرع بتأمين احتياجات عربية (كالمنح الجامعية) وخدمات للجالية وأنشطة تنسجم مع خطة الاتحاد وأهدافه لا تقل عن نشاط الاتحاد في إستانبول، وهناك دعوات لإيجاد فرع في صامصون ومدن أخرى وهو قيد الدراسة.

ولا يعني هذا التقرير أن الجاليات العربية هي في أحسن حالاتها بل هناك تحديات ومعاناة متعددة في الاندماج واختلاف الثقافات كان يؤدي لنوع من الإشكالات والاحتكاكات اليومية، كما أن تشرذم الشارع العربي بسبب بعض الأنظمة الشمولية لبعض البلدان والذي انعكس سلباً على مزاج تلك الجاليات.

وبالرغم من أن النظام الديمقراطي الحر في تركيا والذي يرتكز على سهولة ترخيص منظمات المجتمع المدني وسهولة تنظيمها وادارتها، إلا أننا لم نصل إلى مرحلة نموذجية والجميع بحاجة إلى حوكمة وتنظيم أكثر، ولعل هذا الاتحاد يكون سبباً في تطوير العمل المدني ونشر هذه الثقافة بين الدول العربية. ولعل قيادات عربية تكنوقراطية تنشأ خلال عشرة سنوات قادمة ثم تعود لبلدانها سيكون له الأثر الاستراتيجي التنسيقي بين العرب والترك.

ولا بد هنا إلى الإشارة إلى شخصية تركية مهمة كانت وما زالت موجودة وحاضرة في أغلب المؤتمرات والمهرجانات ومعارض الكتاب والأنشطة العربية وهو د ياسين أقطاي المستشار السابق للرئيس أردوغان ومن أهم الشعارات التي يتحدث عنها واستفدنا منها: من أسباب نجاحنا أننا رفعنا شعار (الخادمية) للناس وليس الحاكمية، وهو شاهد ومشجع وداعم على للتطور والتنظيم المدني والتجاري العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *