أمنُ الثورة … التنظيم والأمن في السيرة النبوية (1)
23/12/2022
إضاءة في الملف المدني السوري
28/12/2022
مشاهدة الكل

القضية السورية والوعي السياسي المطلوب

القضية السورية والوعي السياسي المطلوب

د. خضر السوطري 23.12.2022

سيأتي يوم وتحل فيه قضيتنا بإذن الله في سورية وسيكون الحل سياسياً بامتياز وقد ضحى شعبنا وأهلنا الكثير، ولا بد من قطف الثمرة فعلينا ألا نكون من الزاهدين ولا المتأخرين في العمل السياسي ومتطلباته وإلا سيقطف الثمرة آخرون وغالباً ما يكونوا انتهازيون كما حدث ويحدث في كثير من الثورات،

الأمور أحياناً تبدو شائكة ومعقدة ولا تبشر بالأمل ولكن القادة المتميزون وأصحاب الهمم العالية يستمرون ويتابعون وينتصرون كما كان حال النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام في غزوة الخندق، وغيرها من الغزوات، ورغم كل الصعوبات والمثبطات التي أحاطت بهم إلا أن الثبات والأمل كانا من أهم عوامل النصر.

في البوسنة والهرسك عايشنا كذلك وضعاً معقداً ومسدوداً ولكن في النهاية مع الصبر والأمل انتهت المأساة من خلال مؤتمر دايتون ١٩٩٨.

مهما طالت الحروب والأزمات لا بد لها من نهاية ولابد من حلول سياسة مهما كانت طبيعة تلك الحلول وسيكون لسوريا ذلك الحل يوما ما بإذن الله، ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا.

في عصرنا الحديث توجد نظريات وآليات للعمل السياسي (كالانتخابات والبرلمانات من خلال الوسائل الديمقراطية المتعارف عليها)، وهي مناسبة بالرغم ما فيها من عيوب ولها نوع من التأصيل الشرعي كما وضح وبين العديد من علماء الامة ومفكريهم ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر يوسف القرضاوي ومنير الغضبان رحمهما الله، وحتما سيكون هناك من يرفض تلك النظريات والاليات ولكن عليه قبل كل شيء أن يقدم البديل الذي يرضي التركيبة الفسيفسائية الموجودة في بلدنا.

وسآتي بمثال من عصرنا الذي نعايشه ونرى من خلاله تجربة حزب العدالة والتنمية التركي في النهوض والعمل السياسي وهم في أحلك وأصعب الظروف، حيث كتب لي صديق تركي مخضرم عن ذلك.

أسست الدولة العثمانية 1916 دار الفنون لتكون على شكل جامعه، واسس طلابها اتحاد الطلاب الوطنيين الأتراك MTTB. وذلك للحفاظ على القيم والأخلاق الإسلامية للجيل الصاعد. وتم اغلاقها سنة 1936 ومن ثم أعيد افتتاحها 1946.

سنة 1965 نجح في انتخاباتها الطلاب المحافظون وازدادت قوتها عندما ترأسها إسماعيل قهرمان (الذي تراس البرلمان التركي لفترتين حديثا).

بدأ اتجاهها سياسيا منذ سنة 1973.تحت شعار “تعلم دينك وعلمه وعش كمسلم”.

في سنة 1876 انتخب رجب طيب اردوغان المدير الثقافي لها، وفي عام 1980 تم إغلاقها من قبل الانقلابيين العلمانيين.

وقف البيرلك BIRLIK VAKVI

قام الاستاذ إسماعيل قهرمان بتأسيس وقف جديد تحت اسم وقف البيرلك عام 1985، وظهرت قوة الوقف على الساحة السياسية، التي تخرج منه مئات النواب والوزراء ورؤساء الجمهورية مثل عبد الله جول ورجب طيب اردوغان، ومن هنا تأسست تركيا الحديثة.

ومنذ بدايته كانت هذا الوقف يربي جيلاً جديداً ذا قيم، ويقوم بنشاطات تثقيفيه توجيهيه وطنيه اسلاميه عن طريق محاضرات وندوات ونشاطات مختلفة لمنتسبيها اسبوعيا على مدى السنين.

والوقف الآن لديه 55 فرعاً في تركيا، منها 4 مراكز في إسطنبول، وتحتوي على اقسام متعددة:

قسم للحقوقيين، قسم للأكاديميين، الأطباء والمهندسين، المسرح والسينما، قسم خاص للمناهج الجامعية، وقسم خاص للسياسات الخارجية، وللنساء في كل الفروع وغيرها.

والواجب الملقى علينا، أن نتابع المسار السياسي الى جانب مسارات العمل المدني والفكري والتربوي.

وبالرغم من أنّ التأثير السياسي بالنسبة للسوريين قد لا يبدو كبيرا وفعالا في واقعنا الحالي نتيجة للتدخل الدولي، ولكن دائماً مع كل محنة وتحدي تكمن فرصة وأمامنا العديد من القضايا التي يمكن أن نعمل عليها، وأذكر في ها المجال بأن جماعة العدالة والتنمية التركية كان أول ترشيحاتهم للبرلمان عام ٢٠٠٢ حيث قدموا مجموعة من الكوادر كانت قد تدربت لمدة عام كامل على العمل البرلماني

وهذا يعني أن الإعداد والتدريب للكوادر السياسية وزيادة الخبرة وبناء موارد شبابية سياسية قيادية من أهم أوليات العمل السياسي في فترة الكمون هذه الأيام، ولعل هذه الخبرات مفروض أن تسير بمسارين، مسار التثقيف العام بالعمل الحزبي والسياسي والاحتكاك بالسياسيين والحزبيين وإجراء الورشات السياسية، والخط الثاني وهو الأهم تدريب كوادر جامعية أكاديمية بشهادات عليا لإعدادهم للمستقبل ككوادر لبناء الدولة.

بناء مؤسسة حزبية قادرة على الاستمرار والبقاء ذات نظام داخلي محكم متطور يتبعه لوائح داخلية، وهيئات فاعلة (تشريعي – تنفيذي – حكماء)، وترخيص رسمي يعطي الشرعية لهذه المؤسسة. وحوكمة تنسق العلاقة وتحكمها ما بين الأعضاء ورؤسائهم والهيئات في بينها بشكل واضح ومحدد مع اللوائح (المالية والإدارية والأمنية) والشفافية

الاستفادة من اللجوء في بناء العلاقات والاستفادة من الاختصاصين والمدربين العرب والدوليين والانفتاح على المشاريع الاخرى والتنسيق معها والقيام بالشراكات.

الحزب السياسي يجب ألا يقتصر على العمل السياسي فقط بل عليه ان يسعى للوصول الى عقد اجتماعي وتكافلي من خلال التواصل والتنسيق والعمل مع المنظمات المدنية والإنسانية الفاعلة على الساحة، وعليه أن يفكر في حل مشكلة التمويل حتى يستمر وينجح في أعماله ومهامه، حيث تكون البداية مبنية على أكتاف المؤسسين المخلصين من خلال اشتراكاتهم وعلاقاتهم ومن ثم توضع الأفكار التنموية والاستثمارية لذلك

الإعلام الحزبي والسياسي: لا وجود للحزب أصلا بدون اعلام، ولعله في عصرنا عصر العولمة شاهدنا كيف قامت ثورات بإمكانيات بسيطة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس، يوتيوب واتساب، والمواقع الالكترونية) وربما بمبلغ بسيط تكون مجلة إلكترونية ولا تكلف إلا القليل ولعلها تفعل وتوجه كل الطاقات الحزبية وتبرز مهاراتهم ومقالاتهم وكتابتهم.

التموضع والتأثير السياسي: لا بد من الحرص على التواجد ولو بشكل نوعي في مفاصل القضية السوري ولعل من أهم الأماكن المهمة: اللجنة الدستورية، غرفة المجتمع المدني التي سيكون لها مستقل مقبل، المجالس المحلية في الداخل، والجاليات السورية في المهجر.

علاقات وشراكات وورشات سياسية وطنية في كل مكان يتواجد في الحزبيون وذلك لبناء صداقات والاستفادة من خبرات وتمهيداً لمستقبل في سورية قد لا ينفع معه مستقبلاً إلا التيارات السياسية كما نرى الواقع اللبناني الذي يحكمه تياران يتقاسمان السياسية.

الإيمان والحماس لمبادئ العمل السياسي ومشروعيته وأصالته وفكره وشموليته وللمسلم الملتزم فهو مشروعه الاسلامي والثمرة التي يجني من خلالها التمكين وكذلك الوطني أن يجد مشروعه الوطني، ولعلنا نرى في هذه الأيام العزوف والابتعاد عن مراكز القيادة (لأنه في مثل هذا الوقت تحدي كبير وعبء مالي فهو مغرم وليس مغنم) ومع ذلك من يتقدم سيرى المحبطين والنظامين والشامتين والتيارات المضادة، ولكن سيذكر التاريخ أنه تجاوز كل العقبات وحقق النصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *