قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
23/07/2022
ما وراء تصريحات وزير خارجية تركيا وردود الأفعال عليها
23/08/2022

السوريون والبحث عن الهوية

د. خضر السوطري

المركز السوري سيرز 20.08.2022

أحد عشر عاماً مرت على انطلاق الربيع العربي في سوريا، والأزمة السورية يُراد لها أن تستمر وتستمر، تتوقف في جنيف كلما سخنت، لتتفاعل في استانا وسوتشي ليكون مساراً للتبريد، ولكن دون أية حلول.

وتنتقل من القرارات الدولية المعتمدة الى السلال الأربعة ومن ثم ليكون التفاوض على سلة واحدة هي سلة الدستور، والشعب السوري لم ينتفض من أجل هذا، ولم يدفع كل هذه الأثمان من الشهداء لتغيير دستور، ربما دستور الخمسينات في القرن الماضي هو أرضى للسوريين منه، ولربما سيخرج دستور بعد مسيرة ماراثونية طويلة ليرضي كل العالم إلا الشعب السوري.

ولعلّ أغلب جولات المفاوضات العشرين في جينيف وآستانة لم تكن مفاوضات حقيقية، وكثيراً ما كان وفد النظام يبقى في الفندق مماطلاً، أو أحياناً انتظار وفد المعارضة في الفندق ليقرأ البيان الختامي ويوقع عليه….

وهكذا ستسير المفاوضات والمماطلات فيها، حتى تحصل ارادة إحدى الدول المؤثرة في القضية السورية بما يتوافق مع مصالحها واجنداتها ومن ثم تتوافق مع المؤثرين الأخرين، وسيخرجون بحل يرضيهم بعد تمزيق الجسد السوري ومعارضته ومنظماته وشعبه المغلوب على أمره.

لقد أدركت الحكومة التركية، وهي الحكومة التي حملت العبء الأكبر في القضية السورية بأن الطريق طويل ويكلفها الكثير، وهو برأي كثير من المحللين أحد أهم الملفات الأكثر تأثيراً في مسار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية في اذار ٢٠٢٣.

وباعتبار تركيا الضامن الرئيسي للمعارضة، وبحكم الجوار والتاريخ المشترك وبما تحمل من تقاطعات كثيرة على كل الأصعدة، وفي مقدمتها شراكة الدم و والأمن والمصير الواحد، على الأرض السورية والتركية، انطلاقاً من معركة جنق قلعةCANAK KALE ، مرورا بغصن الزيتون ونبع السلام، وربما حتى معركة منبج القادمة، فقد أدركت الأمر جيداً وأعدت له عدته ووقفت بجانب الشعب السوري وقضيته وحيدة في الميدان وكأنها تغرد خارج السرب.

حتى كان التصريح الأخير للسيد وزير الخارجية التركي شاويش أوغلو ÇAVUŞOĞLU والتصريح المعدل له في المؤتمر الصحفي والذي أكد فيه أن أي جلوس يجب أن يكون من خلال قراري مجلس الأمن 2015 و 2254 في انتقال كامل للسلطة.

ولكن على السياسيين والمعارضة والنخب السورية أن تقرأ الأحداث أخذة بعين الاعتبار القضايا التالية:

  • الدول تبني قراراتها ومواقفها من خلال النظر إلى مصالحها وفائدة شعوبها وبرلماناتها أولاً، وفي كثير من الأحيان قد تختلف هذه المصالح فيما بين الدول الصديقة، فتقدم المصلحة الوطنية على مصلحة الأصدقاء.
  • يبدو أن تركيا وبعد أكثر من احدى عشر سنة من الثورة توصلت لقناعة بأن المجتمع الدولي ليس جاداً بالحل ولا بتغيير النظام، وأنها تحمل من العبء ما قد يفقدها شعبيتها الداخلية والانتخابات، فالموضوع السوري واللاجئين بأعدادهم الكبيرة ومتطلباتهم على الأرض التركية، هو الموضوع المثار داخليا وبشكل حاد وبأجندات مختلفة تلتقي كلها في اسقاط حزب العدالة في الانتخابات القادمة بالرغم من التنمية والتطور الحاصل في تركيا على مختلف الاصعدة.
  • بعض اتباع الثورة السورية اعتقدوا أن تركيا ستكون هي ممثل مصالحهم وحتى عواطفهم وربما ستقوم بالتحرير عنهم فناموا واستسلموا للأحلام، وكل ذلك نتيجة للضعف والتفكك والأجندات المختلفة، وعدم وجود استراتيجية واضحة ضد النظام والمحتل الروسي والإيراني خاصةً، تغيظ العدو وتسر الصديق وتنشر الأمل للشعب السوري في التغيير والنصر ولو بعد حين.
  • السياسة التركية أصبحت واضحة في الانفتاح على الأسواق الخارجية والدولية والتفكير في التبادلات الاقتصادية والتجارية وبناء شراكات وتخفيف الخصوم كما حدث مع الامارات ثم مع السعودية والخطوة التالية القريبة ربما تكون مع مصر واعتقد التنسيق الآن مع مصر هو على أعلى مستوى ولا ينقصه إلا التنسيق الرأسي.

المسار والتمثيل السياسي

بعد انفضاض الرياض٢ وتوقف اجتماعاتها انخفض التأثير الإقليمي في التمثيل داخل الائتلاف الوطني ليصبح الملف بيد الأتراك بمجمله، حيث أن السعودية وبعد تناقص اهتمامها بالقضية السورية والتي لم تعد في سلم الأولويات، بدأت تبحث عن حلول سياسية في اليمن لتخفيف أعباء الحرب الطويلة التي لا غالب فيها ولا مغلوب بالترتيب الأمريكي الماكر الذي لا يريد لسنة العرب أي خير.

والسؤال الذي يطرح نفسه ما الذي غير المسار التركي، وهل الأمر طارئ أم أنّ هناك علاقة دبلوماسية مستمرة، وتنسيق أمني مسبق بين تركيا وبين النظام، والجميع يعرف بأن هناك علاقة دبلوماسية وتمثيل وسفارة وتنسيق أمني وهذا لم ينقطع، فمازلت المنظومة العالمية تعترف بالنظام السوري والا ولو رفع الاعتراف الدولي لما كان نظام سوري قائم.

إنّ عدم الوصول الى تفاهمات دولية حول معركة تحرير منبج وطرد بي كي كي PKK وتوسيع رقعة المناطق المحررة في سورية، وتركيا ليست مضطرة إلى تقديم خسائر بشرية تركية في المعركة ولا بالدخول في معركة طويلة الأمد تمتد إلى ما بعد الانتخابات وتؤثر على مستقبل حزب العدالة.

المراهنة على أصوات شرائح من المجتمع التركي، أو بالأحرى منافسة المعارضة التركية ونزع بعض الملفات منها لتتبناها كالعلويين الترك وهم مواطنون أتراك والذين قد يصل عددهم 10  مليون تركي، وكذلك طمأنة الشارع التركي على انه يسعى لإعادة اللاجئين الى بلادهم ضمن تسوية عادلة متفاهم عليها.

كتب أحد السياسيين السوريين موجهاً رسالته الى السيد شاويش اوغلوا يقول: التسوية بين الطرفين تتم بتحرير سورية من الروس والإيرانيين، وهذا لب الحقيقية ولكن الأصل أن تتوجه الرسالة الى قيادات المعارضة والنخب السياسية والعسكرية والمدنية السورية وليست للسيد جاويش اوغلو

فالذين ثاروا على النظام ويريدون التحرير ينبغي أن يكون بأيديهم ودمائهم ومتابعة ثورتهم بأسلوبهم الذاتي وبإمكانياتهم دون ارتهان لأحد، ولو باستخدام اسلوب حرب العصابات النوعية والذي يُسخن العدو ويؤثر به ويضعفه، فلا تتوقف الجبهات في العمق السوري وكامل أراضيه تلك هي البوصلة وهي اذاً هويتنا وسنحقق التحرير والتحرر وعدم الارتهان

إنها هوية التحرير والمقاومة وإثخان العدو من النظام والمحتلين الروسي والإيراني، وذلك يؤدي إلى تقوية الموقف التفاوضي وتدعيم موقف الأصدقاء، وعلى الشعب السوري أن لا يساوره القلق من أن تركيا يمكن أن تتخلى عن إدلب بهذه السهولة أو عن شركاء المعركة أيضاً عندما تطرح موضوع التفاوض، فهي تعني التفاوض الجاد والخروج من نفقي جنيف وأستانة إلى موقف أكثر جديةً ولا يتخلى عن ملف المعتقلين.

من جهة أخرى قد نصادف تصريحات سياسية انتخابية يوماً بعد يوم، وستكون هناك تصريحات سياسية متصاعدة هنا وهناك من الموالاة التركية ومن المعارضة حول ترحيل السوريين

ونحن نرى ونشاهد ترحيل يومي للمخالفين من اللاجئين السوريين وغير السوريين لكل من لم يلتزم بمكان إقامته أو يعمل بدون تصريح عمل وسيستمر هذا حتى تتم الانتخابات ويعلن الفائز في صناديق الاقتراع، والمتوقع انه حتى ممثلو المعارضة لن يقوموا بترحيل كامل للسوريين، ولا حتى الأرقام التي أعلنت عنها الحكومة أيضاً وستعود الأمور رويداً رويداً إلى مجاريها فالقضية السورية نصف شعب مهجّر وبلد مهدم ولا بد من تعاون دولي ينتصف لهم

فهل تكون صحوة للقيادات السياسية والعسكرية “العودة للوحدة تحت شعار المقاومة والتحرير؟”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *