تقدم النظام الروسي في ادلب وسط تحذيرات تركيا، وثرثرة أمريكا
07/02/2020
وسط كارثة إنسانية، النظام السوري يكثف هجومه على إدلب
09/02/2020
مشاهدة الكل

الاتحاد الأوروبي عقائدي في معارضته لتركيا

الاتحاد الأوروبي عقائدي في معارضته لتركيا

ميدل ايست مونيتور/ محمد حسين 23.01.2020 ترجمة: عمار هارون

نادرا ما كانت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تسير بشكل حسن. ومن خلال جهود حيثية بذلتها تركيا للانضمام للاتحاد خلال العقود القلية الفائتة الى الوقت الراهن المتوتر، ومنذ زمن كانت أوروبا تنظر بدونية للجمهورية كحجر شطرنج في لعبتها أكثر منها كشريك الذي يمكن أن يلعب دورا هاما، بينما تماطل معها بوعود لا يمكن الاعتماد عليها للعضوية في هذا التكتل.

وعلى سبيل المثال، في مؤتمر برلين المنعقد حول القضية الليبية الأسبوع الفائت، وبدلا من إقرار وتأييد الاتفاق التركي مع حكومة الوفاق في طرابلس المدعومة أمميا ومعارضة تقدم الجنرال خليفة حفتر، لجأ الاتحاد الأوروبي الى إطلاق تصريحات عريضة وغامضة بأنه” ومن خلال عملية السلام يقودها الليبيون أنفسهم يمكن للصراع أن ينتهي ويجلب السلام الدائم”.

وعندما أطلقت تركيا عملية نبع السلام في سوريا في أكتوبر الماضي، أظهر الاتحاد الأوروبي مجتمعًا عدم دعمه و-عدا بعض الدول القليلة-و أدان العملية العسكرية ووصفها بالاعتداء وتبعا لذلك فرضت عقوبات. ولما كثر تعامل الاتراك مع حكومة الوفاق الليبية، أيضا أدانها الاتحاد، مع أنه في كلي الحالتين كانت التحركات التركية متناغمة مع مصالح التكتل الأوروبي. فعلى سبيل المثال كلا من أنقرة وبروكسل لديهم خوف من عدم الاستقرار على حدودهما المتشابكة وموجة جديدة من اللاجئين.

ومن خلال توغلها في سوريا، كانت تركيا تهدف الى إنشاء منطقة آمنة تتسع ل 2 مليون لاجئ سوريا يعودون لها، بينما في نفس الوقت تدفع خارجا مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم إرهابي معين .

وعند التفكير في إعادة الإعمار العام والاستقرار النسبي الذي أمنته القوات التركية في المناطق التي تم السيطرة عليها ، يجب القول إن هذا كان بعد نظر.

في ليبيا، إن التحالف التركي مع حكومة الوفاق ودعمها عسكريا  يضمن أساسا استقرار حكومة ديمقراطية ووقف تهريب المهاجرين الى أوروبا. يدّعي الاتحاد الأوروبي أنه يؤيد الامرين ، ولكن توتره مع تركيا حول عرض عضويته من جانب واحد، فإن أفعال التكتل الأوروبي يناقض أهداف سياسته الخارجية. حتى تركيا احتارت في المعارضة العقدية لها، مما دفع الرئيس رجب طيب أردوغان الى تحذير الاتحاد الأوروبي من احتمال لموجة تزوح وهجرة جديدة اذا استمرت في تقليص مساعداتها ، فتركيا لا تستطيع تحمل هذا العبء لوحدها.

لا يوجد عامل محدد يجعل الاتحاد الأوروبي يهمش تركيا. فعلى سبيل المثال يوجد تصور عند بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي أن تركيا دولة إسلامية تدعم بعض الفصائل المصنفة إسلامية في سوريا إضافة الى دعم حكومة الوفاق الليبية غير العلمانية. وعليه فالكثير في الاتحاد الأوروبي يخافون من دمج محور إسلامي في أوروبا. وعلاوة على ذلك، إن انتصار حكومة الوفاق سيعني في نظر الاتحاد انتصار القوة المسلمة السنية على المسلمين العلمانيين والذي، كما شهد العلم في سوريا، يعتبره الغرب شيء لا يريد أن يراه يحدث.

علاوة على ذلك ، يجب أن تؤخذ في الاعتبار التطبيق العملي الهائل لدعم أولئك مثل بشار الأسد في سوريا وحفتر: فقد سيطر كلاهما إلى حد كبير على بلديهما واستولوا على مساحات شاسعة من الأراضي في حروبهم الأهلية. استعاد نظام الأسد معظم سوريا بصرف النظر عن المنطقة الآمنة في تركيا وبعض جيوب المقاومة التي حافظت عليها جماعات المعارضة. وبالمثل، سيطر حفتر على معظم مناطق شرق ووسط ليبيا على طول ساحل البحر المتوسط، وهو الآن على أبواب طرابلس حيث يوجد مقر الجيش الوطني.

 في إعطاء الأولوية للخروج السهل، فضلا عن الاحقاد السياسية، على المبادئ والأخلاق، لقد نسيت أوروبا أنها قبل 9 سنوات قامت بتنفيذ ضربات جوية ضد الزعيم الليبي السابق الديكتاتور معمر القذافي. وهم بعد ذلك انضموا للحملة ضد داعش في الشام وذلك عندما أوشكت مجموعة إرهابية في السيطرة على معظم مناطق سوريا والعراق. فإن كلام الاتحاد عن دعم حكومة ديموقراطية ومعارضة القوى المزعزعة للاستقرار -على ما يبدو- قد تم تجاهله عند الاندفاع لإدانة تركيا.

لدى الفصائل المختلفة داخل الاتحاد الأوروبي، بطبيعة الحال ، آراء متباينة حول ما سيحقق الاستقرار: يتفق اليمين المتطرف واليسار المتطرف على ضرورة دعم نظام الأسد في حربه ضد “الإرهابيين” (تعبيرهم الملطف للمعارضة) ، في حين أن أولئك الذين يحتلون المركز السياسي لا يميلون إلى نسيان وحشية النظام وجرائم الحرب ، وبالتالي دعم المعارضة. بهذا المعنى، اتخذت تركيا الطريق الوسط من خلال إنشاء منطقة آمنة للاجئين مع الابتعاد عن الحرب الأهلية في سوريا وعدم انتهاك سيادتها.

هذا الموقف، رغم ذلك، سخر منه الاتحاد الأوروبي. عدد قليل جدا من الدول داخل الاتحاد الأوروبي تؤيد “حل” تركيا؛ دعمت إسبانيا فقط عملية ربيع السلام كحليف للناتو، في حين أن المجر، على سبيل المثال ، رأت مغزىً في خطة منطقة آمنة. بالنسبة للأزمة في ليبيا، هناك تعاطف أكبر لتحالف تركيا مع حكومة الوفاق الوطنية، لكن الاتحاد الأوروبي لا يزال منقسمًا ، حيث يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واليونان بالانفتاح إلى حفتر.

في حين أن الاتحاد الأوروبي غير متحيز بشكل أساسي بشأن الصراع الليبي وليس لديه الإرادة أو القدرة على العمل في ظل تدخلات أجنبية أكثر حزماً ، فإن التعاون مع تركيا سيوفرعليه  الكثير من المشاكل الناشئة عن المنطقة. على الأقل ، ستكون حدودها أكثر أمانًا ، بينما يمكنها التعاون في الحفاظ على توازن القوى خارج حدودها. من الناحية السياسية ، يمكنها أيضًا تقوية العمليات الديمقراطية ومنع إنشاء دكتاتورية عسكرية أخرى مزعزعة للاستقرار في المنطقة.

بسبب عناد الاتحاد الأوروبي تجاه توقعات القوة التركية السنية المتصوَرة، فإنه لن يتخذ مثل هذه الخطوات الضرورية. في المستقبل القريب ، من المحتمل أن تشهد المنطقة بدلاً من ذلك محاولة الاتحاد الأوروبي تجنب “التهديد الإسلامي” ؛ الإدلاء ببيانات أكثر غموضًا لدعم “العملية الدبلوماسية” ؛ وتشويه سمعة أنقرة لحفظ السلام على مقربة من حدود تركيا. ربما تعود معارضة الكتلة العقائدية اوروبية لتركيا لعضها.

https://www.middleeastmonitor.com/20200123-the-eu-is-dogmatic-in-its-opposition-to-turkey/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *