الائتلاف الوطني السوري كمظلة سياسية ضرورية وآليات التغيير المطلوبة
د. خضر السوطري
14.01.2023
بتاريخ 13.01.2023 وبعد صلاة الجمعة انضم رئيس الائتلاف الوطني السوري السيد سالم المسلط إلى جموع المواطنين المتظاهرين الرافضين للتقارب مع نظام الأسد، ولكنه تعرض من بعض المندفعين للمهاجمة والمضايقة فترك الساحة وخرج مسرعاً، وانتشر الفيديو الذي يصور ذلك بكثرة بين الناس وترك أثره الواسع ما بين مؤيد ومعارض.
ومعلوم للجميع أن السيد سالم المسلط المولود في الحسكة شخص مؤدب وخلوق ومعروف بهدوئه
وقد عمل في المؤسسات الوطنية التي عملت ضد الطاغية الاسدي واعوانه.
وانتخب لرئاسة الائتلاف في الدورة الأخيرة.، وقام ببعض الاصلاحات فور وصوله ولكنها بحسب العديد من الشرائح الوطنية والمدنية السورية لم تكن كافية بالقدر المطلوب والمؤمل، لكن ما حصل للسيد المسلط لا يمثل اخلاقيات الثورة والثوار.
الكل كان شاهداً على صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد، والتي قادها شباب ثوريون بعمر الورد، وكيف أداروا الملف بكل هدوء وأناقة وقاموا بمخاطبة الجميع بخطاب حضاري وتسميات وطنية تجمع ولا تفرق. وإذا لم نعد إلى الأسلوب الحضاري الذين كان فلا أمل في الإصلاح.
سالم المسلط، رد على الموضوع في بيان مصوّر، إنه لا يحمّل المتظاهرين المسؤولية عن ما حدث معه “فهم أبناء ثورة”، مبيناً أنه جاء إلى المدينة “لمشاركة أبناء الثورة والتأكيد على ثوابت الثورة”، مشيراً إلى أنه أراد حضور المظاهرة بصفته الشخصية، وليشد على ايدي الشباب وليؤكد على المواقف الرافضة للأسد وإجرامه وانه لا كرامة بالقبول بهذا النظام المجرم.
ولكن في نفس الوقت أشار إلى أن البعض، ممن لديهم “أجندة خاصة” ومواقف ضد الثورة ومؤسساتها، يتغلغلون بين الشباب بأقنعة تخفي أجنداتهم الحقيقية ليحرفوا الأمور عن مسارها.
معتبراً أن وجود المذكورين بين الشبان “لا يخدم الثورة ولا مؤسسات الثورة ولا روح الثورة التي يتحلى بها شباب سوريا، بل هو خدمة لنظام الأسد”
ولو نظرنا الى الشمال المحرر سياسيا والى منطقهم بأن المحرر هو من يمثل نفسه، ولا يقبلون بتمثيل ولا أداء تركيا الصديقة ويعترضون على أداء المعارضة السياسة ممثلة بالائتلاف وبمنظمات المجتمع المدني الفاعلة، وهم في الوقت نفسه كانتونات صغيرة متنازعة وغير قادة لا سياسيا ولا عسكريا على إدارة الصراع مع النظام الاسدي المجرم
الائتلاف الوطني السوري تشكل بعد عام كامل من تأسيس المجلس الوطني السوري، واستمد شرعيته قي 12.2012 من الاعتراف الرسمي الدولي الذي حصل عليه في مؤتمر مراكش لوزراء الخارجية في، والذي حضرته أكثر من120 دولة.
ما يؤخذ على الائتلاف الوطني أنه جاء بديلا للمجلس الوطني الذي كان سوريا بامتياز وكان يحتوي اغلب الهيئات الوطنية العاملة ضد النظام، والغرب وذيوله من هنا وهناك حسبوا المجلس الوطني على الاخوان السوريين ولذلك ضخوا العديد من الشخصيات العلمانية والعشائرية والتي بواقعها كانت بعيدة عن واقع الثورة والثوار الى جسم الائتلاف وشكلوه ككيان جاهز مطور من المجلس الوطني.
تناقص عدد الدول الداعمة للثورة والائتلاف، من الدول الصديقة الى دول الكور ال ١١ التي تضم تركيا وقطر والسعودية وبعض الدول الكبيرة، والآن هناك ثلاثة دول صديقة فقط داعمة لهذا الائتلاف مع تضييق مالي يزيد سنة عن الأخرى
واستطاعت الحكومة التركية بدعمها على كافة الأصعدة أن تحافظ على وجود هذا الائتلاف كمؤسسة سورية معارضة للنظام، حازت في يوم من الأيام على الشرعية الدولية وعلى شرعية الفصائل والثوار كممثل شرعي للشعب السوري.
وباعتبار أن الائتلاف الوطني هو الممثل الشرعي للشعب السوري، فليس من الحكمة ولا العقل ولا السياسة ان نهدم هذا الكيان بل علينا إصلاحه من الداخل، والتشويش الذي يحصل على الائتلاف من البعض هنا او هناك لن يفيدهم.
وإن حرصنا على التغيير والاصلاح هو المحافظة على الاعتراف الدولي وكذلك الشراكة الاستراتيجية مع الدولة الأهم في الملف وهي تركيا.
الفساد في الائتلاف معروف منذ البداية واختراق النظام له أمرٌ متوقع والتمثيل الإقليمي فيه كان واضحاً وجلياً وهو أحد أسباب إضعافه.
وقد أعيدت هيكلة الائتلاف مؤخراً وتم فصل بعض الكيانات والافراد الذي ضعف كتلهم قبل بضعة أشهر، وهؤلاء لا يشك في حبهم للوطن والعمل من أجله، ولكن الخلل أنهم فتحوا الملفات ضد الائتلاف بعد إخراجهم وأصبحوا يغمزون ويلمزون، وسيضعف انتقادهم وهم لن يشكلوا أي تهديد للائتلاف.
وبالرغم من أن الرئيس المسلط لم يخط خطوة الإصلاح وإخراج البعض من الائتلاف إلا بعد أخذ موافقة الجهات الصديقة على تلك الإصلاحات، لكن هذه الخطوة ليست كافية للإصلاح المطلوب فهي مستعجلة ومبتورة.
وبالرغم من أن أغلب التشكيلات العسكرية والثورية والفيالق والتي تمثل الداخل، ممثلة في الائتلاف، لكن هناك فجوة واضحة ما بين الشارع الثوري والمعارضة عموماً والائتلاف على وجه الخصوص، وهذه الفجوة يجب ان تسد ويوجد لها حل.
الائتلاف حاليا جسم وظيفي سقفه القرارات الدولية. وحدود حركته المجتمع الدولي. والمجتمع الدولي ليس مهتماً بحل سريع للقضية السورية، ولا حتى على سلم أولويات بعض الدول الإقليمية التي كانت متحمسة للحل
لا بد من وضع الائتلاف داخل دائرة مرجعية أعلى تحاسب وتقوّم وتكون بمثابة المؤتمر العام للائتلاف ومنوط بها الانعقاد كل أربع سنوات تضع الاستراتيجيات وتقوم الخطط والأشخاص وتحاسبهم.
التفكير بوجود جسم وطني ثوري آخر موازٍ للائتلاف، سقفه سقف الثورة مهم بحيث لا يكون بديلا ولا منافسا للائتلاف. وإنما دوره الحفاظ على المستوى المطلوب لمبادئ الثورة وتطلعاتها.
وعلى القوى السياسية الناضجة أن تقوم بتقديم اقتراحات عملية لتطوير هيكليات ومؤسسة الائتلاف واللوائح وتطبيق الحوكمة فيها ليتحول إلى مؤسسات حقيقية، ولا بد من تجسير الهوة ما بين المطالب والاحتياجات الثورية بشكل دائم.
لنتحدث عن الإصلاح والتغيير والتطوير بقدر ما نريد، لكن في الوقت نفسه لبقى عيوننا على العدو الأساسي وهو النظام السوري وأعوانه. ولا نحول المعركة فيما بيننا ونضعف قوانا ونشمت بنا العدو.
المسلط كان يريد توجيه رسائل من خلال مشاركته بعض المتظاهرين الذين لا يريدون المصالحة مع النظام، وتلك الرسائل ضرورية حتى للصديق الضامن التركي.
أمامنا كسوريين مسار طويل لتعلم الفنون السياسة وفن إدارة الصراع وكسب الأصدقاء وتحقيق أكبر قدر من تحقيق المصالح الوطنية لشعبنا وثورتنا.