الائتلاف الوطني السوري بين نارين في موضوع تمثيل الشعب السوري
خضر السوطري
المركز السوري سيرز – 25.09.2020
الائتلاف الوطني بين نارين، نار تمثيل القوى الإقليمية المؤثرة، ونار تمثيل القوى الشعبية الحقيقة للشعب السوري في الداخل والخارج، ولعل المتغيرات الكثيرة خلال تسعة سنوات الثورة السورية وتعقيد المشهد وانعدام التأثير يحتاج إلى تغيير وتغيير حقيقي.
بعد انتخاب الدكتور نصر الحريري “وهو طبيب جراح” الشهر الماضي رئيساً للائتلاف الوطني بعد مغادرته رئاسة اللجنة الدستورية واستلام السيد أنس العبدة لها، حصلت موجة انتقادات كبيرة في الشارع حول تبديل الكراسي، ولعل الكثير يعرف أن موضوع الاختيار لا يرتكز على الخبرة السياسية فقط، وإنما هناك الموافقات الإقليمية وأجندات الأطراف الفاعلة.
منذ تشكيل الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة في ١١ تشرين الثاني من العام 2012، فقد حظي هذا الكيان الجديد بنسبة قبول كبيرة ولا بأس بها من الشارع السوري (بالرغم من وجود بعض الانتقادات أو الاعتراضات التي رافقت تشكيله …) مع أمل أن يتم استدراك ما فيه من ثغرات في المستقبل.
واليوم وبعد أكثر من تسع سنوات من انطلاق الثورة السورية المباركة يواجه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة (٨٨ شخصية) تحديات سياسية عديدة تحيط به، إما على صعيد تمثيل المعارضة السورية من جهة أو على صعيد التمثيل الشعبي والدولي من جهة أخرى.
ولعلنا نستذكر يوم انتخاب الاستاذ رياض سيف رئيسا سادسا للائتلاف الوطني في العام 2017 حمل معه خطة لإصلاح الائتلاف تتكون من 23 بند …ولكنها مع الاسف منيت بالفشل ولم يتم تطبيق أي بند منها … فالتجارب السابقة (مع الأسف) لا تحمل في طياتها أية مبشرات أو خطة حقيقية أو إرادة جادة لتحقيق الإصلاح المنشود لأهم مؤسسة وكيان أفرزته الثورة السورية.
اليوم يسعى الائتلاف بجهود حثيثة ضمن نوايا ورغبة نتمنى أن تكون حقيقية لتحقيق ذلك الإصلاح المنشود والذي يتطلع له كل السوريين من أجل أن يلبي أهدافهم وطموحاتهم التي خرجوا من أجلها وقدموا تضحيات كبيرة في سبيلها …
من الضروري أن يكون الائتلاف كياناً جامعا وممثلا شرعيا لكامل الشعب السوري (وليس لقوى المعارضة فقط)، ومع اشادتي بالملتقى التشاوري الذي شكله الائتلاف برئاسة د أحمد طعمة لجمع النصائح من هنا وهناك، وهو بالتأكيد ظاهرة إيجابية ولكنها غير كافية (وهي مجموعة واتس من 55 سيداً وسيدة) ويهدف إلى إجراء مشاورات وتقديم نصائح
ولعل الاستفادة من النصائح في إعادة هيكلة الائتلاف الوطني لا يقتضي فقط الاستماع إلى نصائح من هنا وهناك بل لا بد أن يعتمد على تقويم حقيقي لمسار الائتلاف منذ تشكيله وحتى الآن. ويقتضي ذلك القيام بورشات تقويم حقيقية متخصصة من أعضاء الائتلاف ومن ناصحين محبين له من القوى السياسية والوطنية القريبة
وهذه الورشات تمثل المؤثرات العامة في القضية السورية:
الورشة العسكرية، الورشة السياسية، ورشة العمل المدني، والهيكلية التنظيمية.
وبناءً على عمل تلك الورشات والموجهات التي يتوصل إليها المجتمعون توضع رؤية جديدة تعتمد على تقويم حقيقي للأوضاع وخطة استراتيجية واضحة المعالم تبنى الخطط التنفيذية السنوية على تلك الرؤية وتلك الخطة.
وتكون تلك الخطط خطط مبنية على مشاريع واضحة المعالم لا تتعلق بالتمثيل السياسي فقط بل بالتنمية وتدوير عجلة الصناعة والتعليم وكل متطلبات الانسان السوري.
وإذا كانت الدراسة مبنية على تقويم حقيقي وشفاف وإشراك حقيقي وملزم لهذه المخرجات المشتركة من اللجان فربما ستكون هناك نتائج حقيقية.
إنّ ملفات ذات أهمية كبيرة تحتاج أن يتلاحم الائتلاف مع القوى الوطنية الأخرى، وذلك بتمثيل قوي للجاليات السورية المنتشرة في أنحاء العالم (نصف الشعب السوري) والمجالس المحلية لمحافظات الداخل وخاصة المناطق المحررة، ومؤسسات التنمية والاقتصاد والعمل المدني بالإضافة إلى التنسيق السياسي بين القوى السياسية والوطنية، واضرب على ذلك مثالين هامين:
في تركيا يوجد أكثر من ٢٠ تشكيل سياسي، وممثلين لمراكز أبحاث ودراسات وتوجد رابطة مدنية تسمى رابطة الشبكات تمثل ٨ اتحادات مدنية تمثل بحدود ٦٠٠ منظمة مجتمع مدني ذات تأثير في الداخل والخارج.. فما هو حجم تمثيل هاتين المجموعتين السياسية والمدنية؟ وتشكلت قبل عامٍ كذلك شبكة مهمة (شبكة حماية المرأة) حيث ألقى فيها د نصر الحريري كلمة الائتلاف.
وقد مثلت هذه الشبكة في رابطة الشبكات وفِي المؤتمرات الدولية وتتسابق المنظمات الدولية لشراكة معها، ومع ذلك فناي الحي لا يطرب، فهناك حفنة سيدات يتناوبن على نيابة الرئاسة للتمثيل النسائي ولكن ليس للتمكين النسائي ولعل الجميع يجهل معيار التمثيل النسائي أو الشبابي الحقيقي في تلك المؤسسة ذات الأهمية.
إن الموازنة ما بين التمثيل الإقليمي والدولي وما بين تمثيل حقيقي لإرادة الشعب السوري وعدم التفريط في ثوابت الثورة عملية في غاية الأهمية فأنتم ممثلون للشعب السوري قبل أن تكونوا ممثلين لأية قوى أخرى.
فإن كانت عين الائتلاف على الإصلاح وعلى تمثيل الدول وعلى تحقيق نقاط في اللجنة الدستورية فإن العمل الحقيقي والمهم، هو التنمية وتدوير عجلة الاقتصاد والتطوير المدني ومشاريع التشغيل والمساهمة في حل مشكلات الشعب السوري من خلال إدارة قوية للجاليات السورية والتي تمثل الملايين.
نأمل أن يكون الحوار جاداً ومبنياً على تقويم حقيقي وأن يحدث تغيير في البينية والهيكلية التنظيمية وأن يتم تمثيل حقيقي للقوى وأن يكون ما يتم الاتفاق عليه من استشارات وتناصح ملزم وليس معلمة فقط.
ملاحظات استباقية قبيل الورشات:
العديد من الكتل والأحزاب التي تحظى بتمثيل في الائتلاف، إنما تشكل بعضها من بضعة أشخاص، وقبل قيام الائتلاف بوقت قصير، واليوم بعد تسع سنوات قد حان الوقت ليعاد النظر بهذه الكتل والأحزاب، وما بقي منها حياً وما اندثر، فضلاً عن انه قد تشكلت أحزاب جديدة، وبالمجمل يجب إعادة النظر والتقييم بالنسبة إلى (التمثيل الحزبي).
هناك الكثير من الكيانات الممثلة بالائتلاف لم يعد لها وجود (المجالس المحلية التي أعاد النظام سيطرته على المدن والبلدات التي تمثلها)
ايضا (ممثلي الفصائل العسكرية) بعضهم انتهى تماما ولم يعد لهم وجود وبعضهم دخل ضمن الفيلق الخامس مصالحات … (وما يزال لهم ممثلون في الائتلاف) وهذا الامر يسيء الى الائتلاف ويفقد الثقة فيه فيما لو بقي هذا التمثيل مستمرا، وهذا يتطلب بشكل صريح الاسراع بتصحيح هذا الخلل.
إصلاح النظام الداخلي الراهن للائتلاف يشير إلى وجوب تغيير أي عضو فيه، ولا يوجد بند يوضح كيفية التعامل مع اي عضو يقوم بتعليق عضويته (مثلا) وهذا يستدعي ضرورة إعادة النظر في النظام الداخلي برمته، وضرورة وجود بنود تنص على تداول المسؤولية بين جميع الاعضاء وفق الكفاءة والشفافية والاغلبية الديموقراطية.
عدم الركون إلى مبدأ المحاصصة القومية أو المذهبية، وذلك ردّا على سعي الائتلاف وحرصه على أن تكون جميع الطوائف ممثلة، والاعتماد على مبدأ الكفاءة، ذلك أننا مازلنا في طور الثورة ولسنا في مرحلة استقرار السلطة.
(استعادة القرار الوطني ولو نسبياً) يجب ان تكون أولوية المهام، وبدونها ستبقى القضية الوطنية مرهونة للأجندات الإقليمية والدولية.
لا جدوى من الحلول الترقيعية، كتشكيل بعض اللجان الجديدة وما إلى ذلك، بل يجب ان تكون الخطوات الإصلاحية تطال جذر المشكلة.
إن الائتلاف كيان ثوري وليس وظيفي، وبناء عليه يجب ان يكون أعضاؤه ممن أخلصوا للقضية السورية ولديهم سجل نظيف في الثورة، ومستعدين للعمل من داخل الاراضي السورية المحررة.
ضرورة نقل مكتب الائتلاف الى الداخل السوري المحرر والعمل على الارض بشكل جدي وحقيقي من أجل كسب ثقة أكثر من أربعة مليون سوري مهجر ونازح ومقيم في تلك المساحة المحررة من اجرام النظام وذلك من اجل تقديم نموذج عملي وحقيقي على الارض يكون بديلا عن نظام عصابة الاسد.
ضرورة تمكين عمل الحكومة السورية المؤقتة (الذراع التنفيذي للائتلاف) ودعمها بكل السبل والإمكانات المتاحة من أجل دعم صمود الناس وتلبية احتياجاتهم وتحقيق مطالبهم.
تقويم علاقة المجلس الوطني الكردي وازدواجيته في العلاقة مع الأكراد ذوي الولاء المعادي للثورة.
ضرورة تمثيل الشباب والمرأة بشكل أفضل ضمن مكونات الائتلاف.
وإذا أردنا حلاً قوياً وجذرياً فهو الدعوة إلى:
مؤتمر تأسيسي وطني سوري يجمع المكونات المؤثرة حقيقة يتم إقرار وانتخاب أمانة عامة ومجلس إدارة (تكنوقراط) تنبثق منه مؤسسات حقيقية فاعلة وينبثق من المجلس التأسيسي هيئة حكماء رقابية ويكون هذا المجلس التأسيسي هو القوة الضاغطة والمحاسبة ضمن آليات تنظيمية ترتقي إلى أن تكون آليات ذات كفاءات لدولة حقيقية قادمة ويطرح نظاما جديداً وهيكليات وآليات تحدد المرجعيات واللوائح الناظمة ما بين الحكومة المؤقتة والتشكيل الجديد واللجنة الدستورية.
الائتلاف الوطني السوري بين نارين في موضوع تمثيل الشعب السوري