الآثار الاقتصادية لأزمة المحروقات في مناطق النظام في سورية
د. أمين البشير – باحث اقتصادي
المركز السوري سيرز 11.02.2021
أعلنت وزارة النفط السورية تأخر وصول ناقلة كانت تحمل النفط ومشتقات نفطية إلى البلاد بسبب تعطّل حركة عبور قناة السويس، كاشفة أنها تعمد إلى ترشيد توزيع الكميات المتوفرة من المشتقات النفطية لتجنّب انقطاعها، مما عزا بعدد من المحافظات السورية ومن أهمها محافظة دمشق بتخفيض كميات البنزين للسيارات بنسبة 50% ولتصبح 20 ليترا كل 7 أيام للسيارات الخاصة، و20 ليترا كل 4 أيام للسيارات العامة و3 ليترات كل سبعة أيام للدراجات النارية ، متناسية تماماً أن أزمة النفط أضحت ظاهرة قديمة تشغل حياة السوريين بشكل يومي تقريباً ومنذ سنوات عديدة وليس منذ أيام، حيث عادت طوابير السيارات إلى الظهور بشكل واسع في مناطق سيطرة النظام .
وبذلك يمكن أن يكون هناك آثار كبيرة لأزمة المحروقات على مجموعة من القطاعات الاقتصادية في سورية من أهمها:
1 – القطاع الزراعي:
يعتمد 30 % من الإنتاج الزراعي السوري على الزراعة المروية، و%70 يعتمـد علـى الزراعـة البعليـة، حيث يعتمد القسم المروي منه على مادة على المازوت بشكل أساسي لري معظم الأراضي المروية في البلد، وبالتالي فإن انقطاع هذه المادة أوشحّها سوف يؤدي إلى تخفيض كمية الأراضي المزروعة التي تعتمد بشكل أساسي
على مادة المازوت، وبالتالي انخفاض الحجم المتوقع من الناتج الزراعي من جهة، وارتفاع أسعارها من جهة أخرى وذلك بسبب خفض حجم الإنتاج منه، وحيث أوضح رئيس منتدى الاقتصاديين العرب، سمير العيطة أن النظام السوري يواجه أزمة حقيقية في تأمين وتمويل الواردات النفطية، سواء البنزين أو المازوت أو الغاز، مشيرًا إلى أن النظام يؤمن بعضًا من موارد الطاقة عن طريق روسيا وإيران بالمقام الأول، ودول الجوار كالعراق ولبنان ثانيًا، وإن الزراعة تعتمد بشكل أساسي على المازوت في ضخ مياه الري، ومن دونه قد تتجه المنطقة إلى مجاعة، وهذه التصريحات تتوافق مع تحذيرات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من ارتفاع عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا إذا لم تتوفر مساعدة عاجلة .
2 – القطاع الصناعي:
ما زال يتعرض القطاع الصناعي في سورية إلى أزمات متتالية، فبعد أن عانى هذا القطاع من التدمير والنهب خلال العشر سنوات السابقة وكذلك هجرة أصحاب المصانع إلى الخارج هرباً بما تبقى لهم من أملاك، جاءت أزمة المحروقات الحالية لتنذر بعواقب ستنعكس سلباً على الصناعة المحلية المتبقية، فالكثير من الصناعيين لا يملكون بسببها القدرة على الاستمرار بالعمل والإنتاج، في حين خفض آخرون ورديات العمل وعدد العمال كإجراء مؤقت، على أمل تحسن الظروف، فمع انقطاع التيار الكهربائي وزيادة ساعات التقنيين حول أغلب الصناعيون عملية تشغيل المعامل من الطاقة الكهربائية إلى تشغيل مولدات المازوت، وبشح هذه المادة من جهة وارتفاع أسعارها من جهة أخرى سيؤدي ذلك إلى زيادة الأعباء وتكاليف الانتاج والشحن وإلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، وبالتالي تخفيض القدرة التنافسية بين المنتجات، وحيث تم رفع سعر المازوت الصناعي من قرابة 300 ليرة إلى 750 ليرة، وزادت سعر البنزين غير المدعوم إلى ألفي ليرة لليتر الواحد بعدما كان 1300 ليرة، أي بزيادة نحو54 في المئة تقريباً.
3 – أزمة مواصلات:
تعيش مناطق سيطرة النظام السوري أزمة مواصلات خانقة نتيجة شح الوقود، وكذلك أعلن مجلس محافظة دمشق رفع أجور نقل الركاب بسيارات الأجرة العمومي (التكسي)، ضمن المحافظة إلى الضعف، وذلك بسبب ارتفاع سعر ليتر البنزين، مما أدى إلى أزمة خانقة في شوارع دمشق وباقي المحافظات، حتى أنه كثير من الموظفين لم يستطيعوا الوصول إلى وظائفهم، وكذلك انخفضت الحركة بين المحافظات، وخصوصاً بعد قرار إيقاف المركبات من السير بعد الساعة الثامنة مساءً.
4 – أسعار السلع الغذائية:
تعد أزمة المحروقات الأخيرة في سوريا ذات تأثير كبير على أسعار السلع الغذائية، حيث أن ارتفاع أسعار السلع الغذائية ( القمح، الدقيق، السكر، الرز، الزيت ) يجعل الفئات الأشد احتياجاً وذوي الدخل المحدود أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي فقد سجلت أسعار المواد الغذائية أسعاراً مرتفعة في بداية شهر نيسان الحالي في سورية علماً أنه سجلت أسعار السلع الغذائية في السوق العالمية انخفاضاً للشهر الثالث على التوالي خلال أبريل/نيسان، حيث أدت الآثار الاقتصادية واللوجستية لجائحة كوفيد-19 إلى انكماشات كبيرة في الطلب على العديد من السلع، وحيث بلغ سعر كيلو هبرة الغنم في سورية 35000 ليرة سورية، وبلغ سعر كيلو العدس 2500، والبرغل 2500 ليرة، سجل سعر كيلو الأرز الإسباني 4500 ليرة، والأرز المصري 3500 ليرة، كما ارتفعت أسعار الحليب ومشتقاته حيث سجل سعر كيلو الحليب البقري 1300 ليرة، وكيلو اللبن 1500 ليرة، والجبنة البلدية 7500 ليرة، والجبنة الشلل 8000 ليرة، أما صحن البيض فقد وصل إلى مستوى قياسي في الارتفاع إذ سجل سعر البيضة الواحد 300 ليرة ليبلغ سعر صحن البيض الإجمالي وزن 2 كيلوغرام حوالي 7100 ليرة.
لتحميل المقالة بصيغة بي دي اف PDF