إعلان الحق في التنمية “مشاركة بمؤتمر جنيف لحقوق الانسان”
هيثم عياش
أقر الاسلام، وذلك من خلال أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلأ، ومن يراجع كتب الخراج والاحكام السلطانية والسياسة الشرعية وغيرها نجد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم في عام 1948 أقر الفقر كقضية من قضايا حقوق الإنسان. وقد أعادت مختلف هيئات الأمم المتحدة، بما في ذلك الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان، تأكيد هذا الرأي في مناسبات عديدة.
على الرغم من أن مصطلح الفقر لم يرد صراحةً في الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن الفقر هو أحد الموضوعات المتكررة في الاتفاقيات. ومع ذلك، فقد كان دائمًا أحد الشواغل الرئيسية للجنة الدولية لحقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية.
إن الحق في العمل، والتمتع بمستوى معيشي لائق، والسكن، والغذاء، والصحة، والتعليم كلها أمور تقع في صميم العهد، ولها تأثير مباشر وفوري على القضاء على الفقر. كثيرا ما تثار قضية الفقر خلال الحوار البناء الذي تجريه اللجنة الدولية لحقوق الإنسان مع الدول..
ولا تزال لجان حقوق الإنسان تؤمن إيمانا راسخا، في ضوء الخبرة التي اكتسبتها على مدى سنوات عديدة، بما في ذلك دراسة العديد من تقارير الدول الأطراف، بأن الفقر هو إنكار لحقوق الإنسان. وقد تم التأكيد على ذلك خلال ندوة بحثت المعوقات التي تقف في طريق إعطاء الحق في التنمية والتصدي للفقر وعدم المساواة عقدت يوم الخميس من 8 تشرين اول اكتوبر 2020 الحالي، ضمن مناقشة الامم المتحدة في جنيف الفقر وعدم المساواة واللجوء.
وقد أجمع مشاركو الندوة وضع بعين الاعتبار مقررات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتحقيق التعاون الدولي في حل الأزمات الدولية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني وفى تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين،
وأعتبر المشاركون، التنمية هي عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم، النشطة والحرة والهادفة، في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها،
ورأى المشاركون، أنه يحق لكل فرد، بمقتضى أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن يتمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن فيه إعمال الحقوق والحريات المبينة في هذا الإعلان إعمالا تاما.
المشاركون يرون بالاتفاقيات والقرارات والتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بالتنمية المتكاملة للإنسان وتنمية جميع الشعوب اقتصاديا واجتماعيا، بما في ذلك البنود المتعلقة بإنهاء الاستعمار، ومنع التمييز، واحترام ومراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحفظ السلم والأمن الدوليين، وزيادة تعزيز العلاقات الودية والتعاون فيما بين الدول وفقا للميثاق،
وهم يشيرون بذلك إلى حق الشعوب في تقرير المصير الذي بموجبه يكون لها الحق في تقرير وضعها السياسي بحرية وفى السعي إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحرية،
وإذ تشير أيضا إلى حق الشعوب في ممارسة السيادة التامة والكاملة على جميع ثرواتها ومواردها الطبيعية مع مراعاة الأحكام ذات الصلة من العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان،
وأعرب المشاركون عن قلقهم إزاء وجود عقبات خطيرة في طريق تنمية البشر والشعوب وتحقيق ذواتهم تحقيقا تاما، نشأت، في جملة أمور، عن إنكار الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإذ ترى أن جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية متلاحمة ومترابطة وأن تعزيز التنمية يقتضي إيلاء الاهتمام على قدم المساواة لإعمال وتعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنظر فيها بصورة عاجلة وأنه لا يمكن، وفقا لذلك، أن يبرر تعزيز بعض حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها والتمتع بها إنكار غيرها من حقوق الإنسان والحريات الأساسية،
وأكد المشاركون مجددا وجود علاقة وثيقة بين نزع السلاح والتنمية، وأن التقدم في ميدان نزع السلاح سيعزز كثيرا التقدم في ميدان التنمية، وأن الموارد المفرج عنها من خلال تدابير نزع السلاح ينبغي تكريسها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع الشعوب ولرفاهيتها ولا سيما شعوب البلدان النامية،
وإذ تدرك أن الجهود المبذولة على الصعيد الدولي لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ينبغي أن تكون مصحوبة بجهود ترمى إلى إقامة نظام اقتصادي دولي جديد،
وأكد أن الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف، وأن تكافؤ الفرص في التنمية حق للأمم وللأفراد الذين يكونون الأمم، على السواء.
عدم المساواة – رأب الصدع
بالرغم من في عام ١٩٩٢، أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جدولا يبين حصة كل طبقة مشكلة من خُمس البشرية من الدخل العالمي. وأصبحت صورة” قمع صب السوائل “رمزا للفجوة القائمة بين الأغنياء والفقراء. وبعد مرور نحو ٣٠ عاما على ذلك، لا تزال حصة ٢٠ في المائة من أفقر البشر أقل من اثنين في المائة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة واحد في المائة من البشر الأوفر حظا – حيث انتقلت من ١٨ في المائة في عام ١٩٩٠ إلى ٢٢ في المائة عام ٢٠١٦ – وعتبة الانتماء إلى هذه الفئة هي حوالي ٠٠٠ ٣٢ دولار.
تراجع طفيف لعدد الفقراء بالعالم كان أيضا بمبادرة من الحكومة الالمانية. فأثناء رئاسة المانيا الدورة النصف سنوية للاتحاد الاوروبي عام 1999 ورئاسة مجموعة الدول الصناعية الثمانية وعضوية مجلس الامن الدولي، تم الاعلان بمؤتمر الدول الصناعية بمدينة كولون عزم الدول الغنية والصناعية خفض عدد الفقراء في العالم الى النصف.
بالرغم من احراز العالم خلال الثلاثين عاما الماضية بعض التقدم للحد من الفقر، اذ استطاعت الجهود تحرير أكثر من بليون شخصا في العالم من الفقر المدقع الا انه لا يزال أكثر من نصف سكان العالم يعانون من الفقر. ولعل الاسباب الرئيسية للفقر واللجوء، استغلال طاقات الشعوب الفقيرة وعدم اعطاء اجور عملهم بشكل لائق. كما أن من الاسباب الرئيسية للفقر، موقع البلد الجغرافي والانتماء العرقي والإعاقة البدنية والميول الجنسية إضافة الى التمييز العنصري والديني، كلها تساهم بالانقسامات الاجتماعية التي تعتبر السبب الرئيسي لتقويض التقدم الاقتصادي وازدهار المجتمع والدولة.
الاسباب الرئيسية للفقر، موقع البلد الجغرافي والانتماء العرقي والإعاقة البدنية والميول الجنسية إضافة الى التمييز العنصري والديني، كلها تساهم بالانقسامات الاجتماعية التي تعتبر السبب الرئيسي لتقويض التقدم الاقتصادي وازدهار المجتمع والدولة، كلها وراء هجرة الشباب الافريقي ومن امريكا اللاتينية وبعض البلاد الآسيوية بلادهم والبحث عن مصادر الروق لتأمين مستقبلهم.
إضافة الى ذلك الحروب والنزاعات المسلحة فوصول عدد لاجئي العالم الى أكثر من 68 مليون نسمة تعتبر من الكوارث الإنسانية التي يجب وضع حد لها.
ومن خلال ندوة حول المساواة وكيفية رأب الصدع في إطار مناقشة الامم المتحدة حول الجوع والفقر واللجوء يوم الجمعة الماضي 9 اكتوبر، أعرب المشاركون في الندوة عن رأيهم تنفيذ أفكار للحد من اللجوء، منها دراسة أفكار وزير الداخلية الالماني السابق توماس دو مايزير ووزير التنمية الحالي جيرد مولر بإنشاء مصانع صغيرة في ليبيا تساعد الشباب الافريقي بتحسين مستوى معيشتهم وأيضا دورات تدريب مهنية لتأهيل الشباب بمهن تساعدهم بتحسين مستواهم الاجتماعي والاقتصادي..
اللاجئ السوداني في استراليا عبد العزيز محمود، أكد ان الحروب في السودان أجبرته على ركوب البحر للوصول الى استراليا هربا ليس من الفقر فحسب بل لفقدان العدالة وانتهاك حقوق الانسان الذي مارسته حكومة الديكتاتور السابق عمر حسن البشير. وبالرغم من وصوله الى استراليا وتحسن طروفه الاقتصادية والمعيشية بعض الشيء فعدم المساواة بينه وبين زملائه في العمل ظاهرة بوضوح الى جانب العنصرية والتمييز الديني.
تعقد كاتيا هوجو، منسقة الأبحاث الاجتماعية في الأمم المتحدة ومع مندوبها المعني بمكافحة الفقر المدقع في المفوضية الأوروبية، أوليفر دي شوتر، أن عدم المساواة له تأثير يتجاوز بكثير القوة الشرائية..
يمكن أن تؤثر عدم المساواة على متوسط العمر المتوقع والوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والمياه والصرف الصحي. يمكن أن يؤدي هذا إلى المساس بحقوق الإنسان، على سبيل المثال بسبب التمييز وسوء المعاملة وعدم الوصول إلى العدالة.
مع زيادة عدم المساواة، تقل فرص اكتساب المهارات، ويتذبذب التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وتنخفض التنمية البشرية وبالتالي ينخفض النمو الاقتصادي. كما أنه يرسخ جوًا من الخوف والهشاشة وانعدام الأمن، ويقوض الثقة في المؤسسات والحكومة، ويزيد من الخلاف والتوتر في المجتمع، ويثير العنف والصراع.
هناك أدلة متزايدة على أن زيادة عدم المساواة في الدخل والثروة تؤدي إلى زيادة الحملات المناهضة للهجرة والأشكال المتطرفة من القومية. كما يقوض عدم المساواة قدرة الأفراد والمجتمعات على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف منه. ردود الفعل الشعبوية الأخيرة على ضريبة انبعاثات الكربون دليل على أنه أصبح من الصعب بشكل متزايد اتخاذ إجراءات جريئة ضد العمل المناخي دون معالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة.
لذلك يجب إيجاد حلول لمعالجة الأسباب المذكورة أعلاه للفقر والهجرة والتمييز الديني والعرقي والعودة إلى تشريعات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
في عام 2015، اعتمد قادة العالم خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تحتوي على 17 هدفًا لخلق مجتمعات أكثر سلمًا وعادلة واستدامة. بالنظر إلى أن أوجه عدم المساواة تهدد التنمية الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأجل ويمكن أن تؤدي إلى العنف والمرض وتدهور البيئة، فإن أحد هذه الأهداف – الهدف 10 – هو الحد من عدم المساواة والفجوات في الفرص والدخل والسلطة.
وتشمل أهدافها إلغاء القوانين والمبادئ التوجيهية التمييزية، وتحسين تنظيم الأسواق المالية العالمية، وتسهيل الهجرة القانونية والآمنة والمنظمة وزيادة المشاركة في عمليات صنع القرار – على الصعيدين الوطني والدولي. بين عامي 2010 و 2016، نمت دخول أفقر 40 في المائة من السكان بشكل أسرع من دخول عامة السكان في 60 دولة من أصل 94 دولة تتوفر عنها بيانات. وهذا يدل على أن عدم المساواة ليس مصيرًا ولا مصيرًا لا رجوع فيه.
كانت مناقشات الندوتين حارة وهامة وحيوية للغاية الندوة فدراسة الأفكار المطروحة من قبل المشاركين ومعالجة الأسباب الجذرية لأزمات الفقر والهجرة والحروب ضرورة مهمة اذ ستساعد على تطوير أفكار لإنهاء مأساة الكثير من الشعوب .